أبا حنيفة لا يجيز اقل من يوم وبه قال مالك, وروى محمد عنه أنه قال: يجوز بعض يوم, يعني: معظم الشيء يقوم مقامه كله عنده كما قال في نية صوم رمضان قبل الزوال, وعن أحمد روايتان ولو دخل المسجد ونوى أن يعتكف فيه ثلاثة أيام ولم ينذر فالمستحب أن يتم ما نواه فإن قطعه قبل إتمامه فلا شيء عليه كما لو دخل في صوم التطوع أو صلاة ينوى ركعتين أو أربعًا فقطعهما قبل الإتمام لم يجب شيء.
فرع
لو كان يدخل ساعة ويخرج ساعة مرارًا وينوي الاعتكاف كلما دخل صح اعتكافه, ومن أصحابنا بخراسان من ذكر وجهًا آخر: أنه لا يجوز لأن عادة الإنسان جرت بها وهذا ضعيف, وقيل: هل يجوز
... (1) القدر على وجه الاعتكاف 363 ب/4 لانتظار الصلاة أو لمذاكرة العلم ويقرب هذا من النية في صوم النفل بعد الزوال هل يجوز أم لا؟
مسألة: قال (2): واعتِكَافُه فِي المَسجِدِ الجَامِع أَحَبُ إلىَ.
وهذا كما قال: قد بينا انه يجوز الاعتكاف في كل مسجد ولكنه في الجامع أفضل منه في سائر المساجد, لأنه تكثر فيه الجماعة في العادة ولا يحتاج أن يخرج منه للجمعة ويخرج من خلاف من قال: لا تصح في غيره وفيه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه اعتكف في الجامع, وقال بعض أصحابنا: لو كانت الجماعة في بعض مساجد العشائر أكثر من جماعة الجامع فالمسجد الذي يكثر فيه جماعة وينتابه الناس هو أحب إلينا من الجامع, ذكره الإمام الجويني رحمه الله.
وإن اعتكف في مسجد آخر فإن كان اعتكافه تطوعًا مطلقًا ولم يشترط التتابع يخرج ويصلي الجمعة ثم يعود ويبني على ما ذكرنا, وإن نذر اعتكافًا متتابعًا عشرة أيام واعتكف في غير الجامع يلزمه الخروج للجمعة ثم إذا خرج يبطل اعتكافه ويجب الاستئناف وبه قال مالك, وفيه وجه آخر أنه لا يبطل بل 364 أ/ 4 يرجع ويبني وهو قول أبي حنيفة لأنه مضطر إله فأشبه إذا خرجت العدة وقيل: ذكره في البويطي ففي المسألة قولان, وهذا صحيح حكاه أبو حامد, والمذهب الأول, لأنه كان يمكنه أن ينذر دون سبعة أيام حتى لا تفوته الجمعة, أو كان يمكنه أن يعتكف في الجامع ولا يمكن الاحتراز من العدة فافترقا, وإن شرط أنه يخرج بعارض فهذا عارض فيخرج له ولا يبطل اعتكافه.
قال في "الأم" (3): الاعتكاف في المسجد الحرام أفضل من الاعتكاف فيما سواه, وكذلك في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكلما عظم المسجد وكثر أهله فهو أفضل, وإذا نذر أن يعتكف في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أو في مسجد بيت المقدس هل يتعين ما عين أو يجوز