في مسجد آخر بدل ذلك؟ في قولان أحدهما: لا يتعين لأنه لا يتعلق به وجوب شرعي, والثاني: يتعلق به لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي" (1) , وبه قال أحمد ولو نذر أن يعتكف في سائر المساجد لا يجب ذلك عليه وله أن يعتكف في أي 364 ب/4 مسجد شاء قولاً واحدًا, لأنه نص في البويطي على أنه لو نذر أن يصلي بمكة لم يجز في غيرها, ولو نذر أن يصلي في مسجد المدينة جاز أن يصلي بمكة ولا يجوز أن يصلي في مسجد بيت المقدس وتجزية المدينة من بيت المقدس.
ووجهه: أن الصلاة بمكة هي أفضل من الصلاة في هذين المسجدين والصلاة بالمدينة أفضل من الصلاة ببيت المقدس, فالاعتكاف يجب أن يكون مثله.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: المنصوص أنه يتعين سائر المساجد بالتعيين لأنه الشافعي قال في "الأم" (2): إذا أوجب اعتكافًا في مسجد فانهدم المسجد رجع إذا بني المسجد وبني على اعتكافه, فلولا تعين المسجد لأمر بالخروج إلى مسجد آخر حتى يتم هناك لأنه لم يفعل هذا يبطل ما مضى إذا كان متتابعًا, وقال صاحب "التقريب": لا يتعين كما
.... (3) هذا المنصوص فرق بين الاعتكاف والصلاة فإن الصلاة قربة في أي موضع كانت ولا يؤثر فيها المسجد فلا يتعين لها المسجد, والاعتكاف غنما يصير قربة بالمسجد فله أثر في الاعتكاف, فإذا عين بالنذر تعين, وهكذا ذكر بن أبي أحمد في "المفتاح", وفرق بين الاعتكاف والصلاة 365 أ/ 4 وقيل: فيه وجهان وهذا كله غير صحيح, والمسألة على قول واحد على ما ذكرنا, ومعنى ما ذكر في "الأم" إذا نذر أن يعتكف أيامًا مطلقة من غير شرط التتابع في مسجد يعنيه يدخل في الاعتكاف في ذلك المسجد فالمستحب له أن لا يخرج من ذلك المسجد إلى مسجد آخر, وإذا أنهدم فإن أمكن أن يعتكف في موضع منه فعل, وإن لم يقدر خرج, ثم إذا بني رجع فيبني لأنه لا يضره التفريق وقصد الشافعي به الاستحباب لأنه عينه بالنذر ولا يجوز الخروج منه إلا للضرورة فإذا انهدم فلم يقدر على اللبث فإنه يخرج, ثم إذا قدر بني في ذلك المسجد وهذا لا باس به إلا أنه يعيد؛ لأن الشافعي قال: "وإذا أوجب على نفسه اعتكافًا في مسجد فانهدم المسجد" فالظاهر أنه أراد العموم.
فرع آخر
قال ابن أبي أحمد في "التلخيص" الاعتكاف جائز في المساجد كلها إلا في مسألتين:
إحداهما: إذا نذر اعتكافًا في مسجد يعينه لم يجز له في غيره إذا دخل فيه.
والثانية: إذا نذر اعتكافا أكثر من سبعة اياك لا يجوز له أن يعتكف إلا في الجامع