الحاجة له أن يستوفي تمام الأكل, وبه قال أكثر أصحابنا وهو الصحيح, ونص عليه الشافعي في "الإملاء" وهذا لأن في أكله في المسجد بذلة وسقوط مرؤة وقد يحتشم من أكله المصلون فيدعوهم ذلك على الخروج, ولأنه ربما يكون في طعامه قلة فيستحي من إظهاره أو كان يفسد إن أخرج إلى المسجد.
فرع آخر
فأما شرب الماء فإن اشتد عطشه وعدم الماء في مسجده يجوز أن يخرج إلى منزله, وإن كان واجدًا للماء في مسجده فمن أصحابنا من جعله كالأكل فله الخروج ومنهم من منعه بخلاف الكل, لأنه ليست فيه بذلة ولأن استطعام الطعام مكروه والاستسقاء للماء غير مكروه وقد استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء ولم يستطعم الطعام.
فرع آخر
لو أقام بعد فراغه من قضاء الحاجة أو من الأكل في البيت بطل اعتكافه قليلاً كان أو كثيراً, لأنه لا حاجة به إليه وبه قال جماعة العلماء, وقال أبو يوسف ومحمد: لا يبطل 368 أ/4 حتى يكون أكثر من نصف يوم لأنه قليل كما لو خرج لحاجته وتأنى في مشيه وكان يمكنه الإسراع جاز وعفي عنه لقلته وهذا غلط, لأن المشي يختلف بعادة الناس فيجب أن يمشي على سجيه مشيه لأن عليه مشقة في تعيين ذلك, وهاهنا لا حاجة به إلى خروجه.
فرع آخر
إذا خرج لقضاء الحاجة يكره له أن ينقص عن سجيه مشيه فلو تأني في مشيه عن حد العادة, المذهب أنه يبطل اعتكافه ويكون كما لو قعد ساعة بعد قضاء الحاجة.
فرع آخر
لو خرج من المسجد ناسيًا لم يبطل اعتكافه نص عليه في "الأم" خلافًا لأبي حنيفة, وهذا لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان" ولأنه لو أكل في الصوم ناسيًا لم يبطل صومه كذلك ها هنا, ومن أصحابنا من قال: بطل اعتكافه لأن اللبث مأمور به فلا يعذر فيه الناسي كالنية في الصوم والأول أصح, وقال: والدي رحمه الله لو أطال المكث
...... (1) كالوجهين في الأكل الكثير في الصوم والكلام الطويل في الصلاة, وقال أيضًا: هل يحسب له القدر الذي كان هو فيه خارجًا؟ 368 ب/4 يحتمل وجهين:
أحدهما: يحسب كما لو كان خرج لحاجة الإنسان المدة التي هو فيها خارج المسجد هي غير محسوبة, والثاني: وهو الظهر أنه لا يحسب بل عليه إعادة ذلك القدر قال: ولو خرج ناسيًا واعتكافه متتابع فدخل مسجدًا آخر ثم تذكر وهو في