محظوراته, ولكن يذهب أجره بذلك ويفوته الفضل كما في الصوم.
مسألة: قال (1): وَلاَ يَعُودُ المَريضَ وَلاَ يَشَهد الجَنَائِز إذا كَانَ اعتكافُه واجباً.
وهذا كما قال في اللفظ إشكال لأنه ذكر الواجب ولم يذكر التتابع ولابد من تقييد المسألة بالتتابع لأن الاعتكاف الواجب إذا لم يكن متتابعاً فخرج إلى جنازة لم يبطل ما مضي 371 أ/4 منه وإذا عاد بني على ما سبق, وإذا كان متتابعًا فخرج للجنازة بطل الاعتكاف ويجب الاستئناف والأولى إذا كان اعتكافه نفلاً أن يخرج إلى الجنازة ويصلي عليها وهو أفضل من الاعتكاف, لأنه فرض على الكفاية والاعتكاف نفل.
وأما عيادة المريض قال بعض أصحابنا: هي والاعتكاف سواء فاجل أيهما شاء لأن كل واحد منهما قربة مندوب إليها, وإذا خرج بطل اعتكافه لأنه لا يضطر إليه, ومن أصحابنا من قال: الأولى أن يخرج لعيادة المريض لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرج على المريض ولم يكن اعتكافه واجبًا, وإن كان اعتكافه واجبًا متتابعًا لا يجوز له أن يخرج للعيادة ولا للجنازة, ولو خرج لحاجة الإنسان فسأل عن المريض في الطريق فقد ذكرناه ولو اتفقت جنازة في الطريق فوافق تكبير الناس عليها فكبر معهم وصلى قال القفال: قال مشايخنا: لا ينقطع اعتكافه المتتابع بهذا القدر لأن ذلك لا يزيد على الوقفة اليسيرة التي أبحنا له فيها الأكل على طريقة من منزله إذا دخله لقضاء الحاجة 371 ب/ 4 فإن احتاج إلى زمان لانتظار الجنازة أو عدل عن طريق قضاء الحاجة إلى مكان آخر فصلى عليها ينقطع التتابع, وإن أدخلت الجنازة في رحبة المسجد فصلى عليها جاز.
مسألة: قال (2): وَلاَ بَأسَ إِذَا كان مُؤَذَنًا أن يَصعَد المنارَةَ وإن كانت خارجة.
وهذا كما قال: فيه أربع مسائل إحداها: أن تكون المنارة في المسجد فيصعد إليها ويؤذن ويستحب ذلك لأنه ذكر مستحب وطاعة وهو للمعتكف أشد استحبابًا, وقد قال في البويطي: وللرجل أن يعتكف في منارة المسجد.
والثانية: أن تكون المنارة في رحبة المسجد يصعد إليها ويؤذن أيضًا لأن رحبة المسجد هي من المسجد لو اعتكف فيها يصح الاعتكاف.
والثالثة: أن تكون المنارة خارج المسجد متصلة ببناء المسجد ولها باب إليه فله أن يؤذن فيها لاتصالها بالمسجد وكونها من جملته.
والرابعة: أن تكون خارجة من المسجد والرحبة ولا تتصل به وقال عامة أصحابنا: يجوز له أن يصعد غليها ويؤذن فيها ولا يبطل اعتكافه وهو ظاهر قول الشافعي لأنه قال: وإن كانت خارجة ولم يفصل 372 أ/ 4 ولأنه إذا كانت العادة أن يؤذن لهذا المسجد في هذه المنارة فقد صارت من حقوق المسجد فلا فرق بين أن تكون في وجه المسجد أو خارجة منه, ومن أصحابنا من قال: لا يجوز ذلك لأنه يقطع بينهما ما ليس