كانت الشهادة قد تعينت عليه في الطرفين عند التحمل وعند الأداء يلزمه الخروج لأدائها ولا يبطل اعتكافه قولاً واحدًا والتعين بأن لا يكون وقت التحمل والداء إلا هو ورجل آخر وهذا لأنه واجب عليه لأنه لم يكتسب سببه باختياره فدعت الحاجة إليه.
وقال القفال وجماعة: يبطل اعتكافه لظاهر لفظ الشافعي فإنه لم يفصل 373 ب/ 4 بين التعيين وعدمه وهذا لأنه ليس من ضرورة أداء الشهادة الخروج من المسجد ويمكن أن يأتيه الحاكم فيسمع منه الشهادة ولزمه الابتداء بفعله.
ومن أصحابنا بخراسان من قال: إن لزمته الشهادة باختياره تبطله وإلا فلا, وهذا ضعيف والصحيح الأول والفرق بينه وبين الخروج للجمعة يبطله لأن هناك يمكنه أن يعتكف في الجامع, فإذا اعتكف في غيره فقد دخل فيه مع علمه بأن يحتاج أن يخرج منه لا محالة ويمكنه الاحتراز منه فصار كالخروج باختياره, وها هنا لا يمكنه الاحتراز منه ولا يعلم وقت مطالبة الشهادة إياه بأدائها, ومجيء الحاكم إليه هو أمر مستبعد فلا يبطل اعتكافه به كالخروج لحاجة الإنسان وإن لم يتعين عليه في الطرفين فإن كان وقت التحمل والأداء شهود كثيرة فخرج لأدائها بطل اعتكافه قولاً واحداً كالخروج بغير شهادة, وإن لم يتعين وقت التحميل وتعينت عليه عند الأداء بأن كانت وقت التحمل جماعة من الشهود وعند الأداء لم يبق إلا هو وآخر.
قال الشافعي: عليه أن يخرج وإذا خرج بطل اعتكافه, وقال في المعتكفة 374 أ/4 إذا مات زوجها خرجت للعدة ولا يبطل اعتكافها فإذا انقضت عدتها رجعت فبنت فاختلف أصحابنا فيه فقال ابن سريج: لا فرق بينهما لأن الشهادة تعينت عليه في الأداء دون التحمل, والعدة تعينت في الحال ولم تتعين عند النكاح فكان كل واحد منهما متعينًا في الطرف الثاني دون الأول صحت أن تكون المسألتان على قولين على سبيل نقل القول والتخريج.
وقال أبو إسحاق: الخروج لأداء الشهادة يبطل بخلاف العدة وهو الصحيح والفرق أن المقصود من الشهادة الأداء فإذا تحملها مختارًا
............. (1) وليس المقصود من النكاح الفرقة الموجبة للعدة وإنما يقصد به الإلفة فكان اختيارها للنكاح اختيارًا لوجوب العدة, وفرق آخر أن بالمرأة ضرورة إلى النكاح لتحصين الفرج والدين والنفس والاكتساب ولا ضرورة إلى دخوله في الشهادة عند التحمل فوزانها من العدة أن تضطر إلى الشهادة من حال التحمل لا يبطله ودون الشهادة من أن يجعل إليها طلاقها فاختارت الطلاق ثم خرجت للعدة بطل اعتكافها.
وحكي عن مالك أنه قال: في المعتدة كمل اعتكافها ثم تخرج لقضاء عدتها وهذا غلط, لأن المسجد ليس 374 ب/ 4 بمكان العدة وقد اضطرت إليها, وإن كانت متعينة عليه عند التحمل ولم يتعين وقت الأداء فخرج لأدائها يبطل بلا خلاف.