مسألة: قَالَ (1): وَإِن مَرِضَ أَو أَخرَجَهُ السُلطَانُ وَاعتِكَافه وَاجبٌ فَإِذَا بَرِئ أَو خُلَي عنه بني.
وهذا كما قال: معنى قوله واجب أي: متتابع وجب عليه بنذره وجملته أن ينظر في المرض فإن كان خفيفًا مثل الصداع ووجه السن والحمى الخفيفة ونحو ذلك, لم يجز له أن يخرج من المسجد فإن خرج من المسجد بطل اعتكافه قولاً واحدًا, لأنه خرج من غير ضرورة إلى الخروج, وإن كان المرض شديدًا ينظر فإن كان مما, لا يمكن المقام معه في المسجد كسلس البول والقيام الدائم والقيء يلومه أن يخرج فإذا خرج يبطل اعتكافه قولاً واحدًا ويبني إذا عاد, وإن كان يمكن المقام معه ولكنه تلحقه مشقة
شديدة غير محتملة يحتاج إلى فراش وخادم يخدمه وطبيب يداويه له الخروج منه لأن مضطر إليه برأ من علته وأمكنه القعود في المسجد يرجع إليه, ونص في عامة كتبه أنه يبني على ما مضى من اعتكافه لأنه محتاج إليه, ومن أصحابنا من خرج فيه قولاً آخر: أنه يستأنف كما يقول في المظاهر 375 أ/ 4 إذا دخل في صوم الشهرين فمرض فأفطر هل يبطل التتابع؟ فيه قولان, وهذا ضعيف وذكر بعض أصحابنا القيام الدائم في جملة هذه العلة وهو غلط, والصحيح أن في القيام الدائم قولاً واحدًا على ما ذكرنا, وإن مكث بعد برئه شيئًا من غير عذر استأنف بلا خلاف.
فرع
لو مرض ذو رحمه وليس له من يقوم بمرضه أو مات وليس هناك من يدفنه فهو مأمور بالخروج, وإذا خرج عاد وبني كما قلنا في العدة وفيه وجه آخر يستأنف, وأما الفصد والحجامة فلا تجوز في المسجد, وإن كانت في الطست كالبول في الطست لا يجوز فيه.
ومن أصحابنا من قال: يجوز الفصد والحجامة في الطست إذا لم يلوث به المسجد والأولى تركه ويحتمل أن يجري البول في الطست مجرى الفصد ويحتمل الفرق بأن ذلك مما يستخفي به ويستصبح في المسجد بخلاف الفصد, وإن كانت به علة لابد لأجلها من إخراج دم فهو على ما فصلناه من العلة.
فرع آخر
إذا احتاج إلى النخامة أخذها بخرقة فإن أراد دفنها في المسجد قيل: يجوز, وقيل: لا يجوز حتى يخرج عن المسجد لأن العلماء 375 ب/4 اختلفوا في قوله صلى الله عليه وسلم "كفارة النخامة في المسجد دفنها" فقال بعضهم: أراد دفنها في المسجد فأخرج
.... (2) لا يبطل اعتكافه واحدًا لأنه لم يخرج باختياره, ولو أقام في المسجد مرة وهو مغمى عليه لا تحتسب مدة الإغماء من الاعتكاف لأن فعله كلا فعل, وهكذا لو جُنَ المعتكف