وقال داود: يبطل إحرامه، ولا ينعقد بواحد منها.
فرع
لو أحرم 30/ب بالحج ليلة النحر، ووقف بعرفة، هل يكون مدركاً للحج، وجهان:
أحدهما: يكون مدركاً، لأن كل زمان كان صالحاً للوقوف كان صالحاً لإنشاء الإحرام بالحج فيه كيوم عرفة.
والثاني: لا يكون مدركاً، لأن ليلة النحر كالتبع ليوم عرفة في رخصة الإدراك وتوسعة الأمر، فما لم يحصل إحرامه قبل هذه الليلة لم يدرك الحج بالوقوف فيها. ذكره أصحابنا بخراسان، قالوا: ومعنى الوجهين أن ليلة النحر هل تعد من أشهر الحج أم لا؟
مسألة: وقال (1): ووقت العمرة متى شاء.
وقت العمرة ليس بمحصور كوقت الحج بل هي في جميع السنة جائزة متى شاء اعتمر وتستحب له أن يكثر منها، ولا يكره فعلها في شيء من أوقات السنة. وبه قال أحمد. وحكي عن مالك أن يكره العمرة في أشهر الحج، وهي ثلاثة أشهر كوامل، وفائدة قوله: أشهر الخرم ثلاثة أشهر كوامل، هذا وحكي عنه أنه قال: لا يجوز فعل العمرة في السنة إلا مرة واحدة. وبه قال سعيد بن جبير والنخعي وابن سيرين. وحكى عن أبي حنيفة أنه قال: يكره في خمسة أيام: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق. وقال أبو يوسف: يكره في أربعة أيام: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، واحتجوا بقول عائشة: السنة كلها وقت العمرة، إلا خمسة أيان: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، وهذا غلط لأن كل وقت لا يكره في القرآن بين الحج والعمرة لا يكره فيه إفراد العمرة بالإحرام أًله قبل يوم عرفة، وأما 31/أ خبر عائشة قلنا: ليس فيشيء من الأصول، وإن صح فحمله على أنه أراد إذا كان متلبساً بإحرام الحج، واحتج الشافعي على مالك فقال: "ومن قال لا يعتمر في السنة إلا مرة خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أعمر عائشة في شهر واحد من سنة واحدة مرتين، وخالف فعل عائشة نفسها، وعلي، وابن عمر، وأنس رضي الله عنهم".
وأما السنة فما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في سنة واحدة عمرتين، أحديهما في شوال والثانية في ذي القعدة.
وكذلك أمر عائشة بالقرآن لما نفست بمكة، ثم لما فرغت من القرآن قال لها: "طوافك بالبيت يكفيك لحجك وعمرتك" فقالت: يا رسول الله، أكل نسائك ينصرفن بنسكين وأنا أنصرف بنسك واحد - ومعناه أنهن ينصرفن بعمل نسكين وأنا أنصرف بنسك واحد - فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر فأعمرها من التنعيم (2).