أيضًا, وإن وجده بعد مضي أيام النحر أجزأه الصوم, وإن لم يتحلّل, لأنه مضى زمان التحلّل وقبل ذلك كان زمان التحلّل, وهذا غلط أيضًا لمل ذكرنا.
فَرعٌ آخرٌ
لو أحرم بالحجّ, وهو معسر فكان فرضه الصوم, ثم أيسر قبل دخوله في الصوم, ووجد الهدي فيه قولان بناء على أن الإعسار في الكفارات بحالة الأداء أم بحالة الوجُوب, فإن قلنا: الاعتبار بحالة الوجوب لا يلزمه ذبحه, ويجوز الصوم له, وإن قلنا: بحالة الأداء يلزمه ذبحه, ولا يجوز له الصوم, وقيل: في الكفارة قولٌ ثالث, يعتبر بأغلظ الأحوال, فعلى هذا ههنا يعتبر بالأغلظ, ويلزمه الهدي, وكذلك لو أحرمَ به, وهو موسور, ثم أعسر قبل الإتيان بالدم, هل يجزئه الصيام؟ على الاختلاف.
فَرعٌ آخرٌ
لو لم يصم المتمتع حتى مات, قال القاضي في كتبه الجديدة: إن كان لم يمكنه أن يصوم لم يجب شيء, وإن أمكنه أن يصوم, فلم يصم تَصَدّق عنه مكان كل يوم مُدّ من حنطةٍ, ثم فيه قولان:
أحدهما: يلزمه أن يفرقه على مساكين الحرم لأنه مال وجب بالإحرام كالدم.
والثاني: الأولى أن يفرق فيهم, فإن فرقه في غيرهم جاز لأن الإطعام بدل عن الصوم الذي لا يختص بالحرم, وقال في "القديم": يصوم عنه وليه, والمذهب الأول. فإن مات بعد القدرة على بعضها دون بعض أطعم عن كل يوم قدر ما كان عليه مدّاً, ولا شيء في الباقي, وفال أبو إسحاق: ذكر الشافعي في "مختصر الحجّ" في هذه المسألة قولين:
أحدهما: يتصدق عنه 51/ ب عن كل يوم بدرهم, فيكون عن العشرة عشرة دراهم, والثاني: يخرج عن يوم ثلث دم وعن يومين ثلثي دم وعن ثلاثة فصاعدًا شاة, وهذا أيضًا غير صحيح. وإنما ذكر أصحابنا هذه الأقاويل في إتلاف الشعر والظفر, وترك الحصيات لا في هذا الموضع, وقال في "الأم": من لم يجد الهدي, ففرضه الصيام, فإن مات من ساعته فيه قولان:
أحدهما: عليه الهدي, ومعناه يطعم عنه, لأن الهدي لم يجب عليه أصلاً, لأنه لم يجد.
والثاني: لا شيء عليه, وهو الأصحّ لأن الهدي لم يجب عليه, ولم يتمكن من الصوم والإطعام لفوات صوم مقدور, وههنا لم يقدر, ووجه القول الأول أنه لا يمكن أن يصام عنه, ويمكن أن يهدي, فوجب الهدي على ما ذكرنا من التأويل.
وقيل: يقضي عنه الدم بعد موته ببيع عروضه التي لم يلزمه بيعهما في حياته. وأما وقت صوم السبعة, قال تعالى: {وسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ} البقرة: 196 , واختلف فيه قول الشافعي, فقال حرملة ونقلة المزني: يصوم إذا رجع إلى أهله واستقر (1) وهو الصحيح لأن الرجوع إذا أطلق فيمن خرج من أله يقتضي رجوعًا إليهم لأن الرجوع في