فقطع الشافعي بالمسألة الثانية هذا التوهم، وألحقهم بالفريق الثاني وسوى بين من لبلده ميقات وبين من لا ميقات له إذا جاؤوا من طريق سوى طريق البلدتين.
فَرْعّ
لو كان مسكنه بين ميقاتين:
أحدهما: أمامه، والآخر، وراءه كأهل الأبواء والعرج 58/ب والروحاء وبدر والصفراء، فمسكنهم بين ذي الحليفة والجحفة وهما ميقاتان فذو الحليفة وراءهم والجحفة أمامهم، فمن كان منهم في جادة المغرب والشام الذين هم علي طريق الجحفة كأهل بدر والصفراء فميقاتهم من الجحفة التي هم أمامهم لأن الجحفة لما كانت ميقاتاً لأهل المغرب والشام الذين أبعد داراً منهم، فأولى أن يكون ميقاتًا لهم، ومن كان منهم في جادة المدينة، وعلى طريق ذي الحليفة كالأبواء والعرج فميقاتهم من موضعهم كان منهم بين الجادتين كأهل بني حرب، فإن كانوا إلي جادة المدينة أقرب أحرموا من موضعهم، وإن كانوا إلى جادة الشام أقرب أحرموا من الجحفة، وليس الاعتبار بالقرب من الميقاتين، وإنما الاعتبار بالقرب من الجادتين، وإن كانوا بين الجادتين علي سواء ولم تكن إحدي الجادتين أقرب. فيه وجهان:
أحدهما: يحرمون من موضعهم لمن هو إلى جادة المدينة أقرب تغليبا لحكم الاحتياط.
والثاني: أنهم بالخيار بين الإحرام من موضعهم وبين الإحرام من الجحفة، لأن تساوي الحالتين يوجب تساوي الحكمين.
مسألة: قال (1): والمواقيت في الحج والعمرة والقران سواء.
أراد به سواء في أنه ليس له المرور إلا محرماً بما قصده من حج أو عمرة أو قران، ولا يختلف ذلك، وإن اختلفت المناسك، وإنما أعاد ذكر هذه المسألة لأن القران لم يكن مذكورًا في المسألة الأولى كما كان مذكوراً في هذه المسألة.
مسألة: قال (2): ومن سلك برًا، أو بحرًا توخي حتى يهل من حذو المواقيت، أو من ورائها إذا سلك طريقًا 59/أ لا ميقات فيه من بر أو بحر تجري في طلب محاذاة الميقات لئلا يجاوزه غير محرم، وإحرام من موضع يعلم أنه حذو الميقات، وإنما جوزنا له الإجتهاد لأن البقين متعذر والإجتهاد في ذلك أمارات ودلائل كما جوزنا الاجتهاد في مواقيت الصلاة وجهات القبلة عند الإشكال. وقوله: من ورائها معناه أنه بالخيار في التحري إن شاء صبر حتى يحاذي ثم أحرم وإن شاء أحرم قبل محاذاة الميقات، والاحتياط في تقديم الإحرام كما أن المجتهد في وقت الصلاة إذا أراد الاحتياط كان احتياطه في تأخير الصلاة يسيرًا عن أول الوقت، فتقديم الإحرام علي ميقات المكان عند التحري نظير تأخير الصلاة عن أول الوقت عند التحري، ولو كان طريقه بين ميقاتين أحدهما أقرب من الآخر، فإنه