سنت فيه الصلاة، والجماعة فسن فيه رفع الصوت بالتلبيةَ كالمساجد الثلاثة. وحكي القفال عن مالك أنه قال: لا يرفع صوته بها في المساجد الثلاثةَ أيضًا.
فرع
هل يلبّي في أثناء الطواف والسعي؟ قال في "القديم": يلبّي، ولكنه يخفض صوته. وبه قال ابن عباس وأحمد، وقال في "الجديد": وأحب للمحرم ترك التلبيةَ في الطواف والسعي، لأن في هذا الموضع ذكرا يختص به غير التلبيةَ، فكان الاشتغال به أولى، ولو لبّى لم يكنعليه شيء، ذكره في "الإملاء". قال الشافعي: وإنما قلت ذلك للأثر، ولما قال سفيان، أما الأثر فقد قال ابن عمر: لا يلبّي الطائف حول البيت. (1) وقال سفيان; ما رأيت أحدًا لبّى حول البيت إلا عطاء بن السائب، فأومأ إلى أنه خالف الإجماع بذلك، وهذا في طواف القدوم، لأنه تلبيةً بعد جمرةَ العقبةً، وطواف الزيارة بعد ذلك.
فرع أخر
قل في "الأم" (2): يستحب أن يلبّي ثلاثاً، 70/ أ فقد قيل: أراد يكرر قوله: لبيك ثلاث مرات، وقيل: أراد يكرر قوله: لبيك اللهم ثلاث مرات، وقيل: أراد يكرر جميع التلبيةَ ثلاث مرات، وذكر بعض أصحابنا: أنه إذا لبّى في دبر الصلاةَ يلني ثلاثًا نسقاً كما يكبر في أيام التشريق بعد التلبية ثلاثا نسقًا.
مسألةَ: قال (3): والتلبيةُ أن يقول: لبيك اللهم لبيك.
الفصل
القصد من هذا بيان ألفاظ التلبيةَ، وهي تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لبيك اللهم لبيكَ، لبيك لا شريك لكَ لبيك، إن الحمد والنعمةَ لكْ والملك، لا شريك لكَ" (4). وهكذا رواه جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رض الله عنه، وقوله: إن الحمد بكسر إن؛ وقد تصح أن، فعلى الأول يبتدئ هذا اللفظ بعد الوقف، وعلى الثاني: يوصل به ما قبله، والكسر أولى وأجود.
قال أبو العباس وأحمد بن يحيى من قال: إن بكسر الألف، فقد عمّ، ومن قال: أن بفتحها فقد خصّ، وقيل: معنى الفتح لأن الحمد لك، وقال محمد بن الحسن: الكسر أحب إليّ لأنه ثناء، والفتح صفةً، وإذا قال: والملك وقف، ثم قال: لا شريك لك، ثم بين أنه يجوز الزيادة عليها، ولكن المستحب أن لا يزيد، فقال: ولا يفيق أن يزيد عليه، واختار أن يفرد تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -70/ ب لا يقصر عنها، ولا يجاوزها، وهذا لما ردي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقتصر عليها ولا يزيد، وقد قال: "خذوا عني مناسككم".
وروي أن ابن عباس رضي الله عنه علم رجلًا التلبية، فلما أتم ما ذكرنا قال له ابن