العادة وينبت للطيب، وأما ما رووا عن عثمان روى الشافعي بإسناده عن ابن الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه سئل يشمّ المحرم الريحان؟، فقال: لا، فتعارضا. والثالث: ما لا يقصد شمه، ولا يتخذ منه الطيب، فهو على ضربين 85/ أ:
أحدهما: ما ينبته الآدميون كالدارصيني والقرنفل، وفي معنى ذلك التفاح والسفرجل والخوخ والأترج، والنارنج ونحو ذلك.
والثاني: ما ينبت بنفسه كالشيح والقيصوم والعليق، ونحو ذلك. ولا يحرم على المحرم شمّها، ولا فدية عليه بها، وكذلك ورد هذا كله لأنه لا يتطيب بشمه في العادة، ولا يتخذ لأجله وليس كذلك الضرب الأول والثاني فإنه ينبت ويتخذ للطيب دون غيره، فافترقا.
فَرْعٌ
قال في "الأم" (1): وليس البنفسج بطيب وإنما يربب للمنفعة لا للطيب، وأراد به البنفسج، واختلف أصحابنا فيه على ثلاثة مذاهب، فمنهم من حمل كلام الشافعي على ظاهره، فقال: لا يحرم عليه شمّه، ولا فدية فيه قولًا واحدًا لأن المقصود من شمّه المنفعة للتداوي دون التطيب. وبه قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه، ومنهم من قال: هو بمنزلة الورد قولًا واحدًا، لأنه يتخذ طيباً ويتخذ منه الطيب، وتأول قول الشافعي على أنه أراد البنفسج إذا جفّ فإنه يكون دواء، أو أراد به المربب بالسكر الذي ذهبت رائحته، وهذا اختيار القفال، وقيل: أراد به أن دهنه ليس بطيب، وهذا ليس بشيء لأنه إن كان طيبًا، فدهنه مثله، وقيل: ذكره الشافعي على عادة أهل الحجاز لأنهم لا يقصدون به الطيب، فلو جرت عادة أهل بلدٍة بالتطيب به كان طيبًا يلزم به الفدية، وهذا غير الصحيح أيضًا، ومنهم من قال: فيه قولان، كالريحان، وهذا والذي قبل خلاف مذهب الشافعي، والصحيح الأول.
فَرْعٌ آخرُ
قال بعض أصحابنا النيلوفر في معنى الورد، وقال بعضهم هو كالريحان، وهذا أظهر عندي، وقال بعضهم: فيه ثلاثة أوجه 85/ ب كالبنفسج سواء.
فَرْعٌ آخرُ
الجلنجبين المربى بالورد إن كانت رائحة الورد فيه ظاهرة يمنع منه المحرم وتلزمه الفدية، وإن كانت الرائحة استهلكت فيه، لا يمنع منه ولا فدية.
مَسْألَةٌ: قالَ (2): وإن دهن رأسه ولحيته بدهن غير طيب، فعليه الفدية.
قال في "الأم" (3): الادهان على ضربين: دهن هو طيب، فإذا ادهن به من جسده شيئًا قل أو كثر تلزمه الفدية، وهو مثل ألبان المنشوش بالطيب والزنبق ودهن الورد وغيره،