فرع آخر
لو أكل العود لا تلزمه القديمة لأنه لا يكون متطيباً به إلا بأن يتبخر به بخلاف المسك ذكه في "الحاوي" (1).
مسألة: قالَ (2): والعصف ليس من الطَّيب.
قد ذكنا أن العصف ليس بطيب ويجوز للمحرم لبس العصف, ولا فدية, وإن كان المستحب البياض, ويه قال
احمد, وقد وروى في خبر ابن عم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وليلبسن بعد ذلك ما أحببن من ألوان الثياب من العصف أو الخز", وقال القاسم بن محمد: كانت عائشة رضي الله عنها تلبس الأحمرين وهى محرمة: الذهب والمعصفر، وقال أبو حنيفة: إذا لبس ثوباً معصفراً، فإن كان مفض لزمته الفدية, وإلا فلا فدية, وهذا غلط لأنه كونه لم يفض، فلا تلزمه الفدية, فكذلك إذا نفض كالنيل فإذا تقرر هذا, قال الشافعي: يكره لبسه في إحرامه, لأنه ربما يغتر به الجاهل, ولا يرى الفرق بينه وبين الزعفران, وروى عن عمر رضي الله عنه أنه رأى على طلحة ثوبين مصبوغين, وهو محرم, فقال: أيها الرهط أنتم أئمة يقتدي بكم, ولو أن رجلاً رأى عليك ثوبك لقال: قد كان يلبس الثياب المصبغة وهو محرم, فلا يلبس أحدكم هذه الثياب المصبغة في أحلام شيئا.
مسألة: قال (3): وإن مسّ طيباً يابساً لا يبقى له أثر.
الفصل
المحرم إذا مس طيباً يابساً مثل المسك والكافور, ونحو ذلك فإن لم يعلق بيده ريحه, ولا أثره, فلا فديه, وان علق به أثره وريحه تلزمه الفدية, لأن الطيب يستعمل هكذا, وإن علق 87/ب بيده ريحه ولم يعلق أثره, فظاهر ما نقله المزني أنه لا فدية. وقال في كتاب "المناسك الكبير": وإن مس منه شيئاً يابساً لا يبقى له أثر في يده, ولا ريح كرهته ولم أر عليه الفدية, ظاهر هذا أنه بقى ريحه وجبت الفدية, فالمسألة على قولين:
احدهما: تلزمه الفدية, وهو الصحيح لأن الاعتبار بالرائحة, وهى المقصود من الطيب ألا ترى أن ماء الورد والدهن إذا انقطعت رائحتهما جاز استعمالهما وههنا علقت به الرائحة.
والثاني: لا تلزمه الفدية لأن الرائحة إنما تعلق بالمجاورة, فهو كما لو شم الطيب من دكان العطار, وهذا لا يصح لأن هناك لم يباشر الطيب, وههنا باشر الطيب وحصل مقصوده من الرائحة في بدنه فافترقا, وقال أبو بكر المحمودى من أصحابنا: صحف المزني, وإنما هو مس طيبا ناسيا, فلا شئ عليه, فأما إذا كان عامداً وعلق بيده ريحه تلزمه الفدية قولاً واحداً.
فرع آخر
قال في "الأم" (4): لو عقد طيباً فحمله في خرقة أو غيرها وله رائحة تظهر منها لم