وبعض بدنه فوق الشاذروان لم يجز وهذا المرتفع عن وجه الأرض شبه الدكان عند الحجر الأسود غير ظاهر، فيحتمل أن هناك من الأساس خارج البيت ما في موضع آخرن ولكن رفع لئلا يشقّ على الناس استلام الركن.
قال القفال: فيدع قدر الشاذروان، فلا يمشي فيه. وقال: شيخنا ناصر رحمه الله أنا شاهدته ويشبه أنه ليس قرب الحجر من الشاذروان وعليه دم، وهذا على أصله شيء لأن الشاذروان ظاهر عند الركن اليماني، ثم يقل ويتداخل تحت الجدار حتى إذا كان بقرب الحجر لا يبقي منه شيء 115/ب وجعل الشاذروان هناك تحت الجدار والركن فيه الحجر جعل أكثر خروجًا ليكثر الناس من الاستلام، وهكذا شاهدته أيضًا.
وقال أبو حنيفة: يحسب طوافه إذا سلك الحجر أو مشى على الشاذروان، وعليه دم، وهذا على أصله أن أكثر الطواف يقوم مقام الكل ويجبر بدم وعندنا لا يعفو عن خطوة، وأقل من ذلك وبقولنا: قال مالك وأحمد، وهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف حول البيت سبعًا، وقال: "خذوا عني مناسككم".
مسألة: قالَ (1): وإن نكس الطواف لم يجزه بحال. إذا طاف فترك البيت عن يمينه فقد نكس الطواف، ولا يعتدّ بما طاف بالبيت منكوسًا والترتيب فيه شرط، وهو أن يجعل البيت عن يساره ويطوف عن يمين نفسه. وبه قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: إذا طاف منكوسًا فقد أساء وإن كان بمكة يلزمه الإعادة، وإن فارقها يجزئه، وعليه دم واحتج بانه أتى بالطواف، وإنما ترك هيئة من هيئاته، فأشبه إذا ترك الرّمل، وهذا غلط لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك البيت في طوافه عن جانب اليسار، وقال: "خذوا عني مناسككم"، ولأن هذه عبادة بالبيت فكان الترتيب فيها شرط كالصلاة.
فرع
لو طاف وجعل ظهره إلى البيت لا نص فيه ولكن قال أصحابنا: يجزئه، لأنه حصل الطواف بالبيت والترتيب.
فرع آخر
لو مشي في الطواف متقهقرًا إلى خلف بأن جعل يمينه نحو البيت ومشى إلى خلف من جانب الركنين الشاميين، فقد أساء ويجزئه لأن دورانه موافق لما ورد به الشرع، ولكن مشيه بخلاف العادة.
فرع آخر
قال في "الأم" (2): وأكثر ما طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم 116/أ ماشيًا بالبيت وبالصفا والمروة فأحبّ ذلك إلا من علّة وإن طاف راكبًا من غير علة فلا إعادة عليه ولا فدية، ولأنه إذا طاف راكبًا ربما لوّث المركوب المسجد ويؤذي الناس، فكان المشي أولى، وقال مالك وأبو