حنيفة: إن طاف راكبًا لعذر فلا شيء عليه، وإن كان لغير عذر يكره رجلًا كان أو امرأة وعليه دم، وحكي ذلك عن أحمد، وهذا غلط لما روى جابر قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف عليهم ليسألوه، فإن الناس كانوا غشوة وصحف في المسائل، وقال: فإن الناس كانوا عشرة آلاف، وما ذكرته في صحيح مسلم رحمه الله (1)، فإن قيل: روى ابن عباس أن الني صلى الله عليه وسلم طاف راكبًا لشكاية به (2).
قلنا: في خبرنا ما يدلّ على خلافه. وقيل: ما روى ابن عباس كان في طواف القدوم. وما روى جابر كان في طواف الإفاضة، وهذا لا يصحّ لأنه لم يكن راكبًا في طواف القدوم على ما بينا وأما عند العذر. رأت أم سلمة أنها قدمت مكة مريضة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طوفي وراء الناس وأنت راكبة» (3).
فَرْعٌ آخرُ
لو طاف وشكّ في عدد ما طاف بنى على اليقين كما في الصلاة وفرع عليه في «الإملاء»، فقال: إذا اعتقد أنه طاف سبعًا، فأخبره شاهدان أنه طاف خمسًا أو ستًا أحب أن يرجع إلى قولهما، ويكمل الطواف لأن الزيادة في الطواف لا تبطله، ويفارق الصلاة لأن الزيادة فيها تبطلها، فإن لم يفعل وبنى على يقين نفسه جاز لأن الطواف فعله، فالمرجع فيه إلى اعتقاده دون اختيار غيره.
فَرْعٌ آخرُ
المكّي إذا أراد أن يطوف يلزمه، ولا يحتاج إلى الإحرام، فلو أراد أن يطوف عن الغير، فإن كان نذر في وقت بعينه لا يجوز في ذلك الوقت 116/ أ أن يطوف عن الغير لأن الزمان مستحقّ لفرضه، وإن أراد أن يطوف وقت آخر أو كان زمان النذر غير متعين فيه وجهان:
أحدهما: يجوز، لأن الطواف لا يختصّ بزمان مخصوص وإن لم يكن الزمان متعينًا لم يكن فيه حجر فجاز أن ينوب عن الغير، وإن كان عليه فرض والثاني: لا يجوز، وهو الأصحّ، لأن العمرة لا تختصّ بوقت، ومن عليه العمرة لا يعتمر عن الغير فكذا الطواف.
فَرْعٌ آخرُ
قال: لو طاف، وهو لابس لبسًا محرمًا أو مخيطًا أو مطيبًا أجزأه الطواف لأن تحريم ذلك لا يختص بالطواف إلا أنه يلزمه بذلك فدية.
فَرْعٌ آخرُ
لو كان عليه طواف الزيارة فطاف بنيّة التطوع انصرف إلى الفرض كالقول في أصل الحجّ.