فَرْعٌ آخرُ
لو كان الرجل محرمًا، فطاف بصبي محرم أو كبير محرم فحمله ينوي بذلك أن يقضي عن الكبير أو الصغير طوافًا وعن نفسه لم يجزِ عنهما بخلاف الخبر. وقال في «الأم» (1): الطواف طواف المحمول لا طواف الحامل، وعليه الإعادة عن نفسه لأن الحامل كالراحلة، وقال في «الإملاء»: الطواف للحامل دون المحمول لأنا إنما نبدأ أبدًا في الحجّ بالواجب عن العامل، والعمل لم يوجد من المحمول بل وجد من الحامل، وهذا اختيار أبي حامد، وهو الأصحّ.
وقال أبو حنيفة: يحصل للحامل الطواف والمحمول كالطائف راكبًا لأنهما حصلا طائفين بالبيت، وهذا غلط لأن الفعل الواحد لا يقع عن اثنين ولا يلزم على هذا إذا حمل غيره في الوقوف لأن هناك لا يعتبر الفعل بل يعتبر الكون في مكان الوقوف، وهما كائنان فيه. وفي الطواف يعتبر الفعل، فإن كان للحامل لا يقع عن غيره، وإن كان للمحمول فالحامل مركوبة، كالبهيمة فلا يقع عن غيره.
مَسْألَةٌ: قالَ (2): فإذا فرغ صلى ركعتين خلف المقام.
إذا فرغ من الطواف 117/ أ صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم صلى الله عليه وسلم لما روى جابر، قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكّة دخل المسجد فاستلم الحجر، ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثًا، ومشى أربعًا ثم أتى المقام، فقال: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} البقرة: 125 فصلّى ركعتين والمقام بينه وبين البيت، ثم أتى البيت بعد الركعتين، فاستلم ثم خرج إلى الصفا (3)، وقال: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} البقرة: 158.
فَرْعٌ
السنّة أن يقرأ في الأولى منهما بعد الفاتحة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لما روي جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الطواف بسورتي الإخلاص، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.
فَرْعٌ آخرُ
السنّة أن يصلّيها خلف المقام، وفي هذا المقام يقف الإمام في جميع الصلوات، فإن لم يكن ففي الحجر تحت الميزاب، فإن لم يكن ففي الحرم، وحيثما صلّى جاز. وقال الثور: لا يجوز فعلهما إلّا خلف المقام لقوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} البقرة: 125، وهذا غلط لأنهما صلاة فلم تختصّ بمكان دون مكان كسائر الصلوات. وروي أن عمر كان يطوف بالبيت ويصلّي ركعتين في البيت. وروي أنه طاف بعد الصبح ثم ركب لأن الشمس لم تطلع، فلما أتى ذا طوى أناخ فصلّى ركعتين (4)،