فرْعٌ آخرُ (1) 123/ب
وأحبّ إليّ لو أخذ من لجيته وشاربه حتى يضع من شعره شيئًا لله تعالى, فإن لم يفعل فلا شيء عليه, لأن النسك إنما هو في الرأس لا في اللحية. قال أصحابنا: وهذا كما لو كان أقطع اليد من فوق المرفق يغسل العضد استحبابًا لئلا يخلو الوضوء من غسل اليد.
فرْعٌ آخرُ
ليس على النساء حلاق, قال الشافعي (2) فتأخذ المرأة من شعرها قدر أنملة وتعم جوانب رأسها كليًا, وهذا لما روى علي وعائشة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهن أن تحلق المرأة رأسها. وقال أيضًا: "ليس على النساء حلاق, ولكن يقصرن" (3) , ولا تقطع ذوائبها لأن ذلك يشينها ولكن تشيل الذوائب وتأخذ من تحتها من قصاصها ومن الموضع الذي لا يتبين قبحه. فإن أخذت أقل من ذلك. أو من ناحية من نواحي الرأس ما كان ثلاث شعرات فصاعدًا أجزأ عنهن وعن الرجل. وروى أن بعض أصحابه أمر أن تأخذ المرأة من شعرها قدر أصبع, فأنكرت عائشة. وقالت: هلا أمرهن بالحلق؟! كنا لا نزيد في عهد رسول الله صَلَى الله عليه وسلم على قدر أنملة, وقيل: الأصل في ذلك أن النبي صَلَى الله عليه وسلم لما أمر أصحابه بالتحلّل عام الحديبية ثقل ذلك عليهم فتاونوا في التحلّل والحلاق فأمرهم ثانيًا وثالثًا, فلم يفعلوا, فدخل على أم سلمة, وقال: ألم ترى إلى قومك: آمرهم بالتحلّل فلا يفعلون؟ فقالت له: اخرج ولا تحدث أمرًا حتى تدعو بحالقك, فتحلق شعرك وبجازرك فينحر هديك, فخرج وفعل فابتدر الناس إلى الحلاق وإلى النحر, حتى كادوا يقتتلون فكان منهم من حلق ومنهم من قصّر, فقال: رحم الله المحلقين, الخبر. وقيل: ما أشارت امرأة بالصواب إلا أم سلمة في هذا الأمر رضي الله عنها.
فَرْعٌ آخرُ
لو نذر فقال: لله عليّ أن أحلق إذا أدت التحلّل لم يجزئه التقصير لأن الحلق قربة, فيلزم بالنذر ثم بيّن الشافعي أنه لم يبقَ عليه بعد ذلك من 124/أ العمرة شيء, فقال: وقد فرغ من العمرة يعني بعد الحلق أو التقصير.
مَسْألَةٌ: قالَ (4): ولا يقطع المعتمر التلبية حتى يفتتح الطواف مستلمًا, أو غير مستلم.
إذا ابتدأ المقيم بالطواف قطع التلبية لأنه لا يتحلّل به, فإذا شرع في التحلّل قطع التلبية لأنها إجابة إلى العبادة وشعار الإقامة, وقد بينا معناها والأخذ في التحلّل ينافيها, وحكي أصحابنا عن مالك, أنه إذا أحرم بها من الميقات قطع التلبية حين يرى البيت, وهذا غلط لما روى ابن