عباس أن النبي صَلَى الله عليه وسلم اعتمر ثلاث ولم يزل يلبّي في كلها حتى استلم الحجر (1) , وروى نحو هذا عن ابن عباس وقوله: مستلمًا, أو غير مستلم, أي: ليس الاستلام شرط في حصول الشروع من الطواف, ولعل بعض أهل العلم يشترطه, فلذلك جمع الشافعي بينهما, ثم قال الشافعي: وليس على النساء حلق, وقد ذكرناه.
مَسْألَةٌ: قالَ (2): وإن كان حاجّاً أو قارنًا أجزأه طواف واحد لحجّته وعمرته.
الفَصْلُ
أراد بالحاجّ المفرد وبالقارن الجامع بين الحجّ والعمرة, وقد ذكرنا أعمال العمرة, وأعمال الحجّ من الأركان أربعة: الإحرام والوقوف والطواف والسعي, وما عداها ليس بأركان فمن أفرد الحجّ والعمرة يأتي بأفعال كل واحد منهما على الكمال, ولا يجوز الإخلال بشيء منها, وإن قرن بينهما يسقط ترتيب العمرة, ويدخل في ترتيب الحجّ فيأتي من الأفعال مثل ما يأتي به المفرد إحرام واحد ويجزئه عن الحجّ والعمرة معًا ويعنى به طواف الفرض يكفيه واحد وموضعه بعد الوقوف, فإن طاف قبله فذلك طواف القدوم, وبه قال ابن عباس 124/ب وابن عمر وجابر والحسن وعطاء وطاوس ومجاهد وربيعة ومالك وإسحاق وأحمد في رواية رضي الله عنهم, وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: لا تدخل أعمال العمرة في أعمال الحجّ فيلزمه أن يأتى بطوافين وسعيين, فيطوف ويسعى بعد الوقوف للحجّ.
وبه قال ابن مسعود والشعبي والثوري, ثم قال أبو حنيفة: فإن لم يطف حتى وقف بعرفة صار رافضاً لعمرته, وليه شاة وقضاء العمرة, وهكذا قال في القارنة تحيض قبل الطواف, وقد دنا وقت الوقوف, تقف وتصير رافضة للعمرة, وعليه اقضاء والشاة, وعندنا رفض العمرة لا يكون بحال, واحتجّوا بما روى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه أنه جمع بين الحجّ والعمرة, وطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين, وقال: هكذا رأيت رسول الله صَلَى الله عليه وسلم يفعل (3). واحتجّ في الرفض بما روي أن النبيّ صَلَى الله عليه وسلم قال لعائشة: "ارفضي عمرتك وانفضي رأسك, وامتشطي وأهلّي بالحجّ", وهذا لأنها كانت حاضت فلم يمكنها الطواف وهذا غلط, لما روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبيّ صَلَى الله عليه وسلم قال: "من أحرم بحجّ وعمرة أجزأه لهما طواف واحد وسعي واحد, لا يحلّ من واحد منهما حتى يحلّ منهما" (4).
وأمّا خبر على رواه جعفر بن أبي داود وهو ضعيف ثم نحمله على الاستحباب,