شخصين لاختلاف سبب الوجوب في حقّهما كما قلنا في صوم شهر رمضان، وفطر شوال إذا رأى الهلال وحده.
فَرْعٌ آخرُ
قال والدي الإمام رحمه الله: إذا أحرم الناس بالحجّ في أشهر الحجّ ثمّ بان الخطأ بالاجتهاد في الهلال، وكان خطأ عامًا، هل ينعقد الإحرام بالحجّ؟ فيه وجهان:
أحدهما: ينعقد كما لو وقف بعرفة اليوم العاشر جاز، وإن بان الخطأ بالاجتهاد، لأن كل واحد منهما ركن يفوت الحجّ بقواته.
والثاني: ينعقد بالعمرة، والفرق أنا إذا فات الوقوف لم يبق حكمه، وقد وجب إسقاطه رأسًا، وههنا لا يؤدي إلى إسقاطه رأسًا، فإنه يصّح عن العمرة فصّح القول ببطلان الإحرام عما قصده لظهور الخطأ في الاجتهاد ثم قال الشافعي: وأحّب للحاجّ ترك صوم يوم عرفة، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم.
مَسْألَةٌ: قالَ (1): وإذا غربت الشَّمس دفع الإمام وعليه السكينة والوقار.
الفَضلُ
قال في "القديم": إذا غابت الشمس وتبين مغيبها وسقط شعاعها دفع. والسنة أن يسير وعليه السكينة والوقار ما دام الزحام موجود لئلا يضرّ بالناس 133/ب فإن زال الزحام وخفّ الناس أو وجد فرجه أسرع حتى يأتي المزدلفة، وحدها ما بين مأزمي عرفة وقرن محسر، وليس المأزمان وراء محسر من المزدلفة وقرن محسر، وعن يمينك، وشمالك من تلك البواطن والقوابل، والظواهر والشعاب كلها من مزدلفة نصّ عليه في "الأوسط" (2).
وقال بعض أصحابنا: قرن محسر ليس منها، وهذا غلط بخلاف النصّ والمستحبّ أن يسلك طريق المأزمين، فإن ترك السكينة، أو سلك غير هذا الطريق فلا شيء عليه، وأول من يدفع من عرفة هو الإمام، والناس له تبع، ولا يستحبّ لأحدٍ أن يسبق الإمام ويعاجله في الإفاضة وفي تسمية مزدلفة تأويلان (3):
أحدهما: أنهم يقربون فيها من منى والازدلاف: التقريب، ومنه قوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} الشعراء: 90، أي: قربت.
والثاني: أن الناس يجتمعون بها، والازدلاف: الاجتماع. ومنه قوله تعالى: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ} الشعراء: 64، أي: جمعناهم، ولذلك قيل: لمزدلفة جمع، والدليل على ما ذكرنا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة، وعليه السكينة، ثم أردف الفضل بن العباس، وقال: يا أيها الناس ليس البر بإيجاف الخيل والإبل، فعليكم بالسكينة" (4). وقوله: أفاض، أي: صدر راجعًا إلى