الأيام الأخر إلى تحصيل الحصى جاز، وهذا خلاف النصّ، والدليل على ما ذكرنا ما روي عن ابن عباس أنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم غداة العقبة: "التقط لي سبع حصيات من حصى الخذف"، قال: فلقطتها فلما وضعتها في يده، قال: بمثل هذا فارموا وإياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين" (1) وروس نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما. قال: كانوا يتزودون بالحصى كراهية النزول.
فَرْعٌ
قال الشافعي (2): ويكون قدر حصى الحذف، وأراد تكون الحصيان بقدر ما يمكن رميها برؤوس الأصابع، والخذف: ما حخذف به الرجل، وقدر ذلك أصغر من الأنملة طولًا وعرضًا قدر الباقلاء، وبضعها على ظفر سبابته، ويضع بطن إبهامه عليها، ثم يخذف خذفًا، والخذف يكون بالسيف أو بالعصا إذا ضرب به، وقيل: قدر النوى، وهو قريب من الأول.
فَرْعٌ آخرُ 137/أ
قال (3): ولو رمى بحجر أصغر من ذلك، أو أكبر كرهت ذلك له، ولا إعادة لقوله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والغلو في الدين"، يعني الزيادة، ولأنه إذا كان كبيرًا ربما يخرج من نصيبه، وإنما قلنا: الإعادة لما روي أن عمر رضي الله عنه رمى الجمار بمثل البعر.
فَرْعٌ آخرُ
قال الشافعي (4): وفي أيام منى كلها من حيث أخذه أجزأه إلا أني أكرهه من مواضع، أكرهه من المسجد لئلا يخرج حصى المسجد، وأكرهه من الحش لنجاسته ومن كل موضع نجس، وأكرهه من الجمرة لأنه حصى غير متقبل، وأنه قد رمى به مرة. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عن الحصى ليسبح في المسجد".
مَسْألّةٌ: قالً (5): ومن حيث أخذه أجزأه إذا وقع عليه اسم حجر مرمرٍ أو برام أو كذان أو فهر.
هذا بيان أن محسر أو فجاج مكة أو من منى فلا حرج بعد أن يتوقى ما ذكرنا. وأما قوله: إذا وقع عليه اسم حجر قصد به الردّ على أهل العراق حيث قالوا: لو رمي بغير الحجر من مدرٍ أو خرق أو كحل يجوز، ولا يجوز بما ليس من جنس الأرض كالذهب والفضة والخشب، ونحو ذلك. وقال داود: يجوز الرمي بكل شيء حتى لو رمى بعصفور ميت أجزأه وعندنا لا يجوز إلا بالأحجار من أي نوع كان على ما ذكر، وبه قال مالك وأحمد، والمرمر: الرخام، وكل حجر أملس لين يقال له: مرمر والبرام: جمع برمة. وهي القدر يعني يتخذ منه ذلك.