والكذان: الحجارة الرخوة التي تتفتت ومنه حجارة الرخا. قال في "الأم" (1): وصوان. والصوان: حجر صلب إذا وقع على بعضه تقعقع, والصفوان: الأملس, وكذلك الجواهر التي بين حجر كالياقوت والعقيق والفيروزج والزبرجد والبلور يجوز لأنها أحجار, ولا يجوز باللؤلؤ, ولا بقطعة صدف, وهذا 137/ ب غلط, لما روي في خبر ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بمثل هذا فارموا ومثل الحجر الحجر", ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الأحجار, وقال: "خذوا عني مناسككم وهذا إرث من إرث إبراهيم عليه السلام", والمعنى في الجمار غير معقول حتى يسوغ فيه القياس إذ لو كان المعنى الكراهة لقامت الجواهر والدنانير مقام الأحجار, ولو كان للمهانة لكان رمي النجاسات ينوب عن رمي الحجر, ولو كان للنكاية لكان رمي السهام أولى. فلما لم يكن معقول المعنى لم يجز سوى ما ورد به الشرع؟ فإن قيل: روي أن سكينة بنت الحسن رمت بست حصيات فأعوزتها السابعة, فرمت بخاتمها, قلنا: لا حجة في فعلها, ثم محتمل أنه كان فصه عقيقًا أو فيروزجًا, فيجوز ذلك عندنا, والمقصود: الفص والفضة تبع. وقيل: ألقت خاتمها إلى سائل كان هناك.
مسألةٌ: قال (2): وإن رمى بما قد رمى به, مرة كرهته وأجزأ عنه.
يكره للإنسان أن يرمي بحجر قد رمى به مرة على ما نصّ عليه. وهذا لما روي أن ما يقبل من الحصيات المرمية ترفعها الملائكة من ذلك الموضع, فلا يبقى هناك إلا ما هو غير متقبل, وأثر ذلك بيّن هناك لأنه لا يرى في ذلك الموضع من الحصيات المرمية إلا القليل, فلولا حقيقة ما ذكرنا لصار في ذلك الموضع أمثال الجبال من كثرة الرمي على مر الدهور.
وقال أبو سعيد الخدري: قلنا: أما إنه ما يتقبل منها يرفع وما لا يتقبل يترك, ولولا ذلك لرأيتها مثل الجبال (3). وقال ابن عباس رضي الله عنهما: 138/ أ الرمي قربان فما يقبل يرفع وما لا يقبل يترك (4)، فإن خالف ورمى به فإن كان قد رمى به غيره أجزأه, وحكي عن أحمد أنه قال: لا يجزئه. وبه قال طاوس: وإن كان قد رمى هو به, فالمذهب أنه يجوز أيضًا, وقال المزني: لا يجزئه.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان, وهو غلط, وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه أخذ الحصى من المرمى, ورمى ولم يفصل, ولأن كل حجر لو رمى به, جاز. فإذا رمى هو به جاز كسائر الأحجار, فإن قيل: أليس لو توضأ بماء لا يجزئه