جملة, ثم عاد إلى نظم كلامه في أحكام المزدلفة, فقال هذا, واعلم أن المستحبّ تعجيل صلاة الصبح في أول وقتها كل يوم والسنة أن يبالغ في التغليس بصلاة الصبح لما روي عن ابن مسعود. قال: ما صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قبل وقتها إلا الصبح بجمع (1)، وأراد صلّاها قبل وقتها المعتاد. وذلك أن في سائر الأيام يصليها إذا استبان الفجر بجميع الناس.
وفي هذا اليوم صلّاها حين استبان الفجر له دون العامة, وروي أنه صلّاها, وقائل يقول: طلع الفجر, وقائل يقول: لم يطلع الفجر.
مسألة: قال: (2) ثم يقف على قزح.
الفَصلُ
المستحبّ إذا صلى الصبح أن يقف على قزح وهو جبل المزدلفة, وهو المشعر الحرام, ويسمى هذا الموضع جمعًا, وقزح ومشعرًا, وهذا لقوله تعالى: {فَإذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ} البقرة: 198 , ولخبر علي رضي الله عنه, وقد ذكرناه. وهذا الجبل أقصى المزدلفة مما بلب منى فيرقى فوقه إن أمكنه, أو وقف عنده, أو بالقرب منه إن لم يمكنه, ويحمد الله تعالى ويهلله ويكبره ويوحده, ولا يزال كذلك, حتى يسفر جدًا, ثم يدفع قيل طلوع الشمس, وهذا الوقوف مسنون.
وقال مال: هذا واجب, ويكفي المرور كما في عرفة, وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كان أهل الشرك والأوثان يدفعون من عرفة قبل غروب الشمس ولا يدفعون من المزدلفة حتى تطلع الشمس وتقيم بها رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم, وإنَّا ندفع قبل أن نطلع, وهدينا يخالف هدي الشرك والأوثان". ويقول قائلهم: أشرق ثبير كيما نغير (3)، أي: فلتطلع الشمس عليك يا ثبير كيما يدفع, 140/ ب وأخَّر الله تعالى الخروج من عرفة إلى غروب الشمس, وقدم الخروج من المزدلفة.
فَرْعٌ
قال: لو وقفت في مزدلفة في موضع آخر أجزأه وإن استأخر في مزدلفة إلى أن تطلع الشمس كرهت له ولا فدية عليه.
مسألة: قال (4): فإذا صار في بطن محسر حرّك دابنه قدر رمية حجر.
المستحبّ أن يدفع من المزدلفة, وعليه السكينة والوقار, فإذا وجد فرجة أسرع, كما قلنا في الدفع من عرفات, ثم إذا بلغ وادي محسر أسرع ماشيًا, وإن كان راكبًا حرّك دابته قدر رميهِ بحجر هكذا. ذكر الشافعي رضي الله عنه.
وقال بعض أصحابنا: قدر رميه بسهم, وإن لم يفعل, فلا شيء عليه. وهذا لما