النحر لأن جابرًا رضي الله عنه قال: رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى يوم النحر, ورمى في سائر الأيام بعد زوال الشمس.
وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس" (1)، وأراد جمرة العقبة, لأنها التي ترمى وحدها يوم العيد. وأما وقت الجواز, قال الشافعي من بعد نصف الليل من ليلة النحر إلى غروب الشمس من يوم النحر. وبه قال عطاء وعكرمة وأحمد. وقال أبو حنيفة زمالك وإسحاق: لا يجوز الرمي إلا بعد طلوع الفجر الثاني.
وقال مجاهد وطاوس والنخعي والثوري: 142/ ب لا يجوز إلا بعد طلوع الشمس, واحتجوا لخبر ابن عباس, وهذا غلط لما روينا من خبر أم سلمة, ولا يمكنها موافاة طلوع الشمس الصبح بمكة إلا أن تكون رمت قبل الفجر. وقوله في الخبر, وكان يومها فيه معنيان:
أحدهما: أراد, وكان يوم نوبتها من النبي صلى الله عليه وسلم, فأحب عليه السلام أن يوافي التحلّل, وهي قد فرغت.
والثاني: أراد, وكان يوم حيضها, فأحب صلى الله عليه وسلم أن توافي أم سلمة التحلّل قبل أن تحيض, فمن قرأ بالأول, قرأ يوافي بالياء, ومن قال: قرأ بالثاني بالتاء وأما الخبر فمحمول على الاستحباب.
مسألة: قال (2): ثم ينحر الهدي إن كان معه ثم يحلق أو يقصر.
إذا فرغ من الرمي يوم النحر, نحر الهدي, ثم حلق لما روى أنس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم النحر, ثم رجع إلى منزله بمنى, فدعا بذبح فذبح, ثم دعا بالحلاق فأخذ شق رأسه الأيمن فحلقه, فجعل يقسم بين من يليه الشعرة والشعرتين, ثم أخذ نسق رأسه الأيسر, فحلقه, ثم قال: ههنا أبو طلحة, فدفعه إليه" (3)، والذبح: مكسور الذال ما يذبح من الغنم, والذبح: الفعل, والنسك بالتسكين العبادة وبالتنقيل الذبيحة.
وروي في خبر جابر قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة التي عند الشجرة, فرمى سبع حصيات ثم انصرف إلى المنحر, فنحر ثلاثًا وستين بدنة بيده, ثم أعطى عليًا رضي الله عنه فنحر ما غبر وأشركه في هديه.
فَرْعٌ
قال الشافعي: ويتولى ذبح نسكه لهذا الخبر, فإن كان لا يحسن يستحبّ له أن يحضر ويسمي الله تعالى, ويقول: اللهم تقبل مني, فإن سمى الذي يتولى ذبحها, فلا بأس, وجميع ما 143/ أ يفعل يوم النحر أربعة أشياء: الرمي والنحر والحلق