فينبغي أن يرمي من بطن الوادي, ويستحبّ أن يستدبر الكعبة 141/ ب عند الرمي, ويستقبل الجمرة ومنى, فإن لم يرم من الوادي وجعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه, جاز لما روى أن ابن مسعود رضي الله عنه رمى والكعبة عن يساره ومنى عن يمينه, فقالوا له: إن الناس يرمون من فوق, فقال: والله الذي لا إله إلا هو, إن هذا المقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة (1):
وذكر القاضي أبو حامد أنه يستقبل القبلة عند الجمار, وهذا غريب, والنصّ المشهور ما ذكرنا, وعدد الحصيات في هذا الرمي سبعة, والمستحبّ أن يرفع يديه كلما رمى, ويدعو الله تعالى, لأنه يكون أقوى لرميه. وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع اليدين في سبعة أماكن, منها في رمي الجمار, ويبالغ في رفعها حتى يرى بياض ما تحت منكبيه, فإن ذلك أبلغ في المسألة والاستنجاح ويكبر مع كل حصاة, وهذا وقت ترك التلبية, وتبديلها بالتكبير, والنبي صلى الله عليه وسلم كان يلبي إلى هذا الوقت في عرفة ومزدلفة, وهذا لأنه أخذ في التحلّل, فيترك التلبية. وقالت أم سلمة: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة من بطن الوادي, وهو راكب يكبّر مع كل حصاة (2).
وقال الفضل بن عباس لبى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رمى جمرة العقبة. وقال أحمد وإسحاق يلبي حتى يرمي تمام الجمرة ثم يقطعها, وقال مالك: يلبي حتى تزول الشمس يوم عرفة, فإذا راح إلى المسجد قطعها, وروي عنه يقطعها عند دخوله منى قبل التوجه إلى عرفة. وقال الحسن: يلبي حتى يصلي الغداة أمسك عنها, وقيل: السبب في 142/ أ هذا الرمي ما روي في قصة إبراهيم عليه السلام حيث أري في المنام ذبح الابن, وقصد تصديق الرؤيا اعترض إبليس لعنة الله في الطريق, فرماه, والقصة معروفة, فجعل ذلك سنة.
فَرْعٌ
قال في "الإملاء": أحب لمن كان محرمًا أو محللا أن يكون كلامه ذكر الله تعالى, فإن تكلم بما لا إثم عليه جاز, والشعر كلام حسنه وقبيحه كقبيحه. وروي عن القاسم الزرقي, قال: رأيت عمر رضي الله عنه على ناقته, وهو محرم يقدم يدًا ويؤخر أخرى, ويقول:
كأن راكبها غصن مروحة تدلت به أو شارب ثمل
الله أكبر, الله أكبر, فدل على جواز غير المستقبح من الشعر.
مسألة: قال (3): وإن رمى قبل الفجر بعد نصف الليل أجزأ عنه.
الكلام الآن في وقت رمي جمرة العقبة يزم النحر, والكلام فيه فصلين في وقت الاستحباب, ووقت الجواز, فأما وقت الاستحباب, فبعد طلوع الشمس من يوم