قلنا: قال ابن مسعود رضي الله عنه: من تعجل فلا إثم عليه، أي: كفرت سيئاته، وذلك من تأخر ورمى كفرت سيئاته، وقيل: فلا إثم عليه بالتعجيل، وقوله: {ومَن تَأَخَّرَ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ} من المواجهة في الكلام، وقيل: ورد علي سبب، وهو أن قومًا قالوا: لا يجوز التعجيل، وقومًا قالوا: لا يجوز التأخير، فوردت الآية علي ذلك. وقيل: أراد، لا إثم عليه لترك الرخصة بالخروج يوم النفر الأول.
وحكي عن الحسن البصري أنه قال: إذا دخل عليه وقت العصر في اليوم الثاني لا يجوز له أن ينفر. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: يجوز له أن ينفر ما لم يطلع الفجر، لأنه لم يدخل وقت الرمي بعد، وهذا غلط لقوله تعالي: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ} البقرة: 203، واليوم اسم للنهار، وإذا غربت الشمس فقد خرج اليومان. وقال عمر رضي الله عنه: من أدركه المساء في اليوم الثاني، فليقم إلي الغد حتي ينفر مع الناس (1)، وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: لا يلزمه الرمي من الغد إلا أن يمكث حتى تزول الشمس من الغد، فيلزمه الرمي حينئذ، وفيه نظر.
فَرْعُ
لو خرج منها، قيل أن تغرب الشمس نافرًا، ثم عاد إليها مارًا أو زائرًا لم يكن عليه أن بيت، ولا يلزمه لو بات أن يرمي من الغد، نص عليه في "الأوسط" (2)، لأنه ترخص بالتعجيل، فلا يتغير حكمه. وقال بعض أصحابنا بخراسان: هل يلزمه المبيت هذه الليلة والرمي من الغد؟ وجهان.
فَرْعُ آخرُ
قال أصحابنا: لو رحل من منى فغربت الشمس، وهو راحل قبل انفصاله من منى لم يلزمه المقام، لأن عليه مشقة في الحط بعد الترحال، وإن كان مشغولًا بالتأهب، وحمل رحله، فغربت الشمس قبل أن يرحل فيه وجهان:
أحدهما: ليس له 152/ب أن يتعجل، لأنه أدركه الليل قبل الرحيل، وهو المذهب.
والثاني: له أن يتعجل، لأنه أخذ في التعجيل، ولعله شد متاعه، وعليه في حله مشقة.
فَرْعُ آخرُ
إذا نفر وتعجل بطرح الحصى الذي معه لليوم الثالث، أو يدفعه إلي من لم يتعجل، فأما ما يفعله الناس اليوم من دفنه، لا يعرف فيه أثر.
فَرْعُ آخرُ
السنة في اليوم الذي يريد النفر. إما النفر الأول، أو الثاني أن يرمي عقيب زوال