وإن لم يناوله، ورمى عنه بأمره جاز، وهذا لأنه لو عجز عن أصل الحج جازت النيابة، فكذلك لو عجز عن بعض أفعاله، فإن قيل: أليس لا تجوز الاستنابة في الحج إلا بعد اليأس؟ وههنا تجوزن قبل اليأس، قلنا: الفرق أنه لا يتعين عليه الدخول في الحج، فلا تجوز الاستنابة فيه مع الرجاء، وههنا تعين عليه الرمين ويفوت وقته بالتأخير، فجازت الاستنابه فيه للعجز في الحال، وإن لم يوجد اليأس، ولا يجوز أن يرمي عنه إلا بإذن لأنه رمى يمكن استئذانه.
فَرعَ آخرُ
لو رمى عن المريض من لم يرم عنه نفس؟ ثم عن نفسه أجزأه رميه عن نفسه، ثم أي الرميتين تجوز عن نفسه، هل هو الرمي الأول الذي رماه عن المريض، أو الثاني الذي رماه عن نفسه؟ فيه وجهان:
أحدهما: الثاني لوجود القص فيه.
والثاني: الأول، لأن من كان عليه نسك، ففعله عن غير وقع عن نفسه كالطواف، وأما رميه عن المريض، هل يجوز أم لا؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز لأنا إن جعلنا الرمي الأول عنه، فالثاني لم يقصد به المريض، وإن جعلنا الثاني عنه فقد وجد الأول قبل رميه عن نفسه، فلم يجزه عن المريض.
والثاني: يجوز لأن الرمي يفارق سائر أركان الحج، فجاز أن يفعله عن المريض قبل فعله عن نفسه.
فَرْعُ آخرُ
لو رمى عنه غيره ثم برأ من مرضه في أيام التشريق. قال في "القديم": أحببت له أن يعيد الرمي عن نفسه، وإنما قلنا ذلك لبقاء وقت الرمي، فإن لم يعد أجزأه لأن الفرض سقط عنه 155/ب بفعل غيره. قال والدي رحمه الله: فيه قولان:
أحدهما: هذا.
والثاني: تلزمه الإعادة كالمغضوب إذا حج عن نفسه رجلًا، ثم برأ تلزمه الإعادة.
فَرْعُ آخرُ
قال أصحابنا: والمحبوس عن الرمي بحق أو بغير حق إذا كان لا يقدر علة التخلص منه، ومباشرة الرمي بمنزله العاجر المريض، ولا يجوز للمحبوس أن يجهز من يحج عنه، لأنه لا يخاف فوت الحج ويخاف فوت الرمي، ولهذا جاز عن المريض بخلاف الحج.
فَرْعُ آخرُ
لو أغمي عليه قبل الرمي، فإن لم يكن أذن في الرمي لغيره في الرمي عنه، لم يجز أن يرمي عنه غيره، وإن كان أذن لغيره في أن يرمي عنه، ثم أغمي عليه جاز أن يرمي عنه.