عامر: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: أحج بابني وهو مرضع أو صغير، قال: "نعم"، فإذا تقرر هذا، فالكلام في حج الصبي في ثلاثة فصول: في الإحرام منه أو عنه، وما يفعله بنفسه أو بغيره، والحكم في محظورات إحرامه، وقيل: في أربعة فصول، والرابع في النفقة عليه في حجه، فأما الإحرام عنه. قال الشافعي: أحرم عنه وليه، والولي: الأبوان. واختلف أصحابنا في هذا، فمنهم من قال: ينعقد بالأبوين فقط والعلة في الولاية البعضية.
وبه قال أكثر أصحابنا البصريين وأشار إليه أبو إسحاق، 157/ب وعلي هذت يصح من الجد والجدة من قبل الأب أو الأم، ولا يصح من الإخوة والأعمام. وقال بعضهم: يعقد الأب والجد من قبل الأب، فإن لم يكونا، وله أم فعلى مذهب الاصطخري تنتقل ولايته المال إلي الأم إذا لم يكن له أب ولا جد فيجوز لها عقد الإحرام عنه أيضًا، وعلي قول سائر أصحابنا لا تلي الأم المال، فعلى هذا لا تحرم عنه كالأخ، وهو المذهب والعلة الولاية في المال، وعلى هذا لا يصح من الجدة أصلًا، ومن قال بهذا أحاب عن الخبر، فإن يحتمل انه أحرم عنه وليه، والأم وحملته لإتمام حجه. ومن أصحابنا من قال: العلة، التعصيب، فلا يصح إحرام من ليس بعصبة عنه، وهو قول كثير من أصحابنا البغداديين، فعلى هذا لا يصح من الأم والجدة والجد أب الأم، ويجوز من الأخ والعم، ومن أصحابنا من قال: كل من له ولاية في ماله يحرم عنه سواء كانت الولاية بالتولية أو شرعًا، وهو مثل الأب والجد والوصي وأمين الحاكم، وأما الأخ والعم إن نصبه الحاكم وليًا عليه في المال، أو كان وصيًا من قبل الأب يحرم عنه، وإن لم يكن، كذلك فيه وجهان:
أحدهما: له الإحرام عنه لأن له تأديبه والتصرف فيه بما يردي إلى مصلحته من حمله إلي الكتاب والحرفة وسماع الأحبار، وهذا أضرب من الولاية، فكذلك عقد الإحرام عليه.
والثاني: ليس له ذلك، لأنه يتعلق بالحج إنفاق المال والمسافرة به، فلا يجوز ذلك إلا لمن له ولاية تامة. وقال القفال: لا خلاف في الأم أنه يجوز لها ذلك للخبر، ولا يجوز ذلك للأجنبي، وإن كان يلي المال بالوصاية 158/أ والتولية من الحاكم قولًا واحدًا. وقال في "الحاوي" (1): لا يجوز من أمين الحاكم بحال قولًا واحدًا، وفي وصي الأب وجهان:
أحدهما: يجوز، لأنه ينوب عن الأب.
والثاني: لا يجوز، وهو الأصح لأنه لا يلي بنفسه ويختص ولايته بالمال كأمين الحاكم.
فَرْعُ
إذا أحرم عنه وليه يجوز سواء كان الولي محلًا أو محرمًا، وسواء كان حج حجة الإسلام أو لم يحج ويفارق الأجير لا يحرم عن الغير، وعليه فرضه لأنه يصير الأجير حاجًا دون المستأجر وههنا الولي لا يصير حاجًا، بل يعقد النكاح والبيع له. ومن