أصحابنا من قال: إذا أحرم وهو محرم، فيه وجهان:
أحدهما: ما ذكرنا.
والثاني: لا يجوز منه ذلك لأن من كان في نسك لم يجز أن يفعله عن غيره ذكره في "الحاوي" (1).
فَرْعُ آخرُ
في كيفية إحرامه عنه وجهان. قال البصريون: يقول عند الإحرام: اللهم إني قد أحرمت عن ابني، وعلى هذا يجوز أن يكون غير مواجه للصبي بالإحرام ولا مشاهد له إذا كان الصبي حاضرًا بالميقات.
والثاني، قاله البغداديون يقول عند الإحرام: اللهم إني قد أحرمت بابني، وعلى هذا لا يجوز أن يكون غير مواجه للصبي بالإحرام. وأما حكم الأفعال فجملته أن كل ما يمكنه فعله بنفسه لا يجوز أن يفعل عنه، ولا يمكنه فعله بنفسه يفعل عنه. أما الإحرام، فإن كان مميزًا أحرم بنفسه، ثم إن كان بإذن وليه، فلا إشكال في جوازه، وإن كان بغير إذنه اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: ينعقد إحرامه كما ينعقد صومه وصلاته.
وقال أكثر أصحابنا، 158/ب وهو اختيار القفال، وأبي حامد لا ينعقد لأن هذا العقد يؤدي إلي لزوم ماله فيه، أو عند التحلل عن الإحصار، ولفظ الصبي لا يصلح للزوم. وهذا الأذن إنما يصح من الولي الذي يصح إحرامه عنه إذا لم يكن مميزًا، وقد ذكرنا ذلك، وإن لم يكن مميزًا فقد ذكرنا أنه يحرم عنه وليه، وقد قيل: فيه وجه يحرم عنه وليه وإن كان مميزًا ولا يحرم هو وأما الوقوف والمبيت بمزدلفة ومنى، فلا يفعل عنه، لأنه ليس في أكثر من الحضور والوقوف، فكان المميز ومن لا تمييز له فيه سواء.
وأما الرمي، فإن كان يطبقه رمى بنفسه، وإن لم يطقه رمى عنه وليه علي ما بيناه في المميز المريض. وقد روى جابر رضي الله عنه قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهللنا عن الولدان ولبينا عنهم ووقفنا ثم رمينا عنهم الجمار" (2).
فَرْعُ آخرُ
لو كان الولي محرمًا فرمى عنه، فإن كان هو رمى عن نفسه صح رميه عن الطفل، وإن لم يكن رمى عن نفسه صح ما رماه عن نفسه ثم يلزمه الرمي عن الصبي. وفيه وجه آخر. قد ذكرنا من قبل في نظير هذه المسألة. وأما الطواف فإن كان مطيقا طاف بنفسه وإن لم يطقه طاف به الولى، فإن كان قد طاف عن نفسه، أو كان حلالًا أجزأه عنه، وإن كان محرمًا، ولم يطف عن نفسه فقد ذكرنا قولين. وقال القفال: أصل 159/أ القولين إن الطواف هل يفتقر إلى النية وجهان:
أحدهما: لا يفتقر إلى النية حتى لو حصل طائفًا، وهو يطلب غيره بماله جاز، فعلى هذا يقع عنه.