فيؤتى به على ما يؤتى في الوضوء ظاهرًا كالوجه. وقال الشافعي: ومعقول إذا كان بدًلا من الوضوء على الوجه واليدين, أن يؤتى بالتيمم على ما يؤتى بالوضوء عليه, أي: هو بدل على محل الفرص من الوجه واليدين, بخلاف المسح على الخفين فإنه على سائر المحل, لا على نفس المحل. واحتجوا بما روى
أن النبي صلى الله عليه وسلم "تيمم فمسح وجهه وكفيه" ولأن مطلق اليد منصرف إلى الكوع, بدليل قوله تعالي: {فاقطعوا أيديهما} المائدة:38 وقوله صلى الله عليه وسلم: "في اليدين الدية" فأراد إلى الكوع. قلنا: أراد به اليدين إلى المرفقين, والعرب تسمى الشيء باسم بعضه.
وأما القياس فلا يصح لأن ها هنا, تقدم ذكر المرفقين في الوضوء, وأطلق في التيمم, فيحمل المطلق على المقيد, أو بين رسول الله صلى الله عليه وسلم مقداره هنا وفي السرقة قدر بالكوع, وفي الدية الحكم للأصابع والكف تابع بخلاف هذا, 139 أ/ 1 ثم قياس العبادة على العبادة, والطهارة على الطهارة أولى لأنها أقرب وأحوط.
واحتج الزهري بما روى عن عمار بن ياسر أنه لما نزلت آية التيمم ضربوا أيديهم في أرض ومسحوا وجوههم وأيديهم إلى المناكب. وهذا لا يصح لأن هذا فعلهم وخبرنا قول النبي صلى الله عليه وسلم, فكان أولي أو صار ذلك منسوخًا بخبرنا.
مسألة: قال: "والتيمم أن يضرب بيديه على الصعيد".
الفصل
وهذا كما قال. والكلام الآية في الممسوح به وما يجوز به التيمم, واختلف الناس فيه على ستة مذاهب, فقال الشافعي: لا يجوز التيمم إلا بالتراب. فأما بغيره من النورة والزرنيخ والكحل والرمل الذي هو دقاق الحجر لا يجوز. وبه قال أحمد, وداود.
وقال أبو حنيفة: يجوز التيمم بكل ما هو من جنس الأرض من التراب والكحل والزرنيخ والصعيد وجه الأرض, ولا يجوز بسحالة الذهب والفضة والنحاس.
قال: وليس من شرط التيمم أن تعلق باليد شيء حتى لو ضرب يده على صخرة صماء فإنه يجوز, وبه قال مالك, وخالفه في ذلك أبو يوسف, ومحمد, وعندنا لابد وأن تعلق باليد منه غبار, وقال مالك: يجوز التيمم بالأرض وبكل ما يتصل بها سواء كان من جنسها أو من غير جنسها, حتى أنه يجوز بالذريرة ونحو ذلك, هكذا روى عنه أبو حامد, وروي عنه مثل قول أبي حنيفة 139 أ/ 1 إلا أنه زاد فقال: يجوز بالثلج, وقال الثوري,
والأوزاعي: يجوز التيمم بالأرض وبكل ما عليها سواء كان متصلاً بها أو غير متصل كالبلح ونحوه.
وقال أبو يوسف: يجوز بالتراب والرمل خاصة. وقال ابن عباس- رضي الله عنه- "لا يجوز إلا بالتراب العذب تراب الحرث" وبه قال إسحاق ابن راهوية وهذا كله غلط لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "جعلت لي الأرض مسجدًا وترابها طهورًا " فخص