التراب, ولأنه ليس بأصل خلقة البشر فأشبه سحالة الذهب, والدليل على إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم: "تيمم من أرض المدينة وهي أرض سبخة".
واحتجوا بما روي أبو هريرة- رضي الله عنه- أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا نكون بأرض الرمل, فتصيبنا الجنابة والحيض والنفاس, ولا نجد أربعة أشهر أو خمسة أشهر, فقال النبي صلى الله عليه وسلم"عليكم بالأرض" قلنا: رواه المثنى من صباح وهو ضعيف ثم يحمله على رمل يخالطه تراب؛ لأن العرب لا يقيمون في أرض لا نبات فيها, والرمل لا ينب إلا ومعه التراب. فإذا تقرر هذا, فقد ذكر الشافعي أنواع التراب التي يجوز التيمم بها.
فقال: " من كل أرض سبخها ومدرها وبطحائها" والسبخ أرض ملح لا تنبت. والمدر: هو ما جف من طين التراب طيب منبت, والبطحاء: السهل 140 أ/ 1 من الأرض من مجاري وسيول. وهذا إذا كان هناك تراب تعلق باليد غباره, فإنه لم يكن دق ذلك المكان بشيء حتى يصير ترابًا تعلق باليد غباره. وقال في "الأم": "والبطحاء الغليظة والدقيقة لا يجوز التيمم" بها وأراد به الصلبة التي لا تراب فيها.
وأما الدليل: قال في"الأم": "والكثيب الغليظ لا يقع عليه اسم الصعيد فإن تيمم به جاز" فمن أصحابنا من قال في جواز التيمم بالرمل قولان. قال ابن أحمد, ومنهم من قال وهو الصحيح: لا يجوز التيمم به قةلاً واحدًا كما قال في "الأم". وأراد بما قال في "القديم": إذا خالطه تراب ولم يكن دقاق الحجر خالصًا, ويجوز بتراب الحمأة, والحمأة: المتغيرة الرائحة, وهي طين خلق منتنًا, فإذا جفت وسحقت فإنه يصير ترابًا, ولا يجوز
بالطين الرطب لعدم غباره.
وحكي ابن وهب عن مالك أنه يجوز بناء على أن استعمال التراب في العضو لا يشترط عنده, وربنا يوافقه أبو حنيفة. قال الشافعي في "الأم": ولا يتيمم بالسبخة الثرية وهي الندية بالماء, وهي بالثاء المثلثة, تقول العرب: التقى الثريان إذا التقاء ماء السماء, وماء الأرض.
وقال الشيخ أبو حامد في المدرس التربة أو الندية, وهو مصحف وهذا لأنها كالطين لا غبار لها, فإن لم يجد غيره استجفه على بعض أداته وجسده, فإذا جف حثه ثم تيمم به, فإن خاف فوت الوقت. قال الشافعي: صلى, ثم 140 ب/ 1 إذا جف الطين تيمم وأعاد الصلاة, ولا يعتد بصلاة صلاها بلا وضوء ولا تيمم وروى عكرمة, عن ابن عباس- رضي الله عنه- أنه سئل عن رجل في طين لا يستطيع أن يخرج منه فقال: يأخذ من الطين فيطلى به بعض جسده فإذا جف تيمم به.