الحرم ظاهر المذهب، أنه يلزم فيه الجزاء، ومن أصحابنا من قال: لا جزاء فيه، لأن ما كان من غرس الآدمي نهو كالحيوان الأهلي.
وأشار الشافعي إلى هذا في "الإملاء"، لأنه قال: ومن قطع من شجر الحرم فعليه الجزاء لأنه لا مالك له، وقيل: هذا لا يدل على ما ذكره هذا القائل، وإنما علل بهذا في وجوب الجزاء خاصة، لأن في الجر المملوك يجب مع الجزاء القيمة.
وقال أبو حنيفة: ما نبته الآدميون يجوز تطعه وما لا نبته الآدميون ينظر فيه، فإن أنبته أدمي جاز قطعه، وإن نبت بنفسه لم يجز قطعه لظاهر الخبر الذي ذكرنا، ولم يفرق، ولأنه شجرة نابتة غير مؤذية نبت أصلها في الحرم، نوجب أن يحرم قطعها أصله ما نبت بنفسه مما لا ينبته الآدميون.
فرع آخر
الجزاء إنما يجب في الشجر الذي يكون غضًا لا شوك فيه كالبلوط وشجر الجبال، فأما إذا قطع شجرة يابسة، فلا جزاء فيه، لأنها بمنزلة الصيد الميت، وكذلك 215/ أ لو قطع الشوك والعوسج، فلا جزاء أيضًا، لأنه يؤذي كالسبع والبهائم المؤذية.
فرع آخر
قال بعض أصحابنا: لو كانت الشجرة قد انتشرت أغصانها ومنعت الناس الطريق وآذتهم، يجوز أن يقطع منها ما يؤذي.
فرع آخر
قال الماسرجسي: الأشجار الثابتة في الحرم ضربان: ضرب أنبته الآدميون مثل الكمثرى والتفاح، ونحوهما مما يتولى بنو آدم زراعته وغرسه لا جزاء فيه. هكذا ذكره الداركي من أصحابنا، وأهل خراسان. وهذا خلاف مذهب الشافعي، لأنه أطلقه من غير تفصيل وعليه أكثر أصحابنا، ونص عليه في "القديم" فقال: ويقطع السواك من فرع الشجرة ويأخذ الثمر والورق فيه للدواء إذا كان لا يميته، فدّل هذا على أنه يلزم الجزاء في الثمرة.
وقال أبو حامد: فيه طريقان: أحدهما: فيه قولان.
والثاني: يلزم فيه الجزاء قولا واحدًا.
فرع آخر
لو حمل من الحل شجرة وأنبتها في الحرم لا جزاء فيها لأن ذلك، ليس من شجر الحرم وإنما شجر الحرم ما نبت أصله فيه، وهو كما لو أدخل صيدًا في الحرم لا يحرم ذبحه.
فرع آخر
لو قلع شجرًا من الحرم وغرسه في الحلّ، فإن مات يلزمه الجزاء، وان نبت وجب