عليه قلعه ونقله إلى الحرم وغرسه فيه، فإن نقله وغرسه ونبت، فلا شيء عليه، وإن مات فعليه الجزاء، فإن جاء غيره فقلعه من الحل، فمات يضمنه القالع بإلجزاء، فإن قيل: أليس قلتم لو نفر صيدًا من الحرم حتى رجع إلى الحلّ فاصطاده صائد في الحل لا يضمن؟ فقولوا: في الشجر مثله!! قلنا: الاعتبار في الشجر بمنبته وقد ثبت له حكم الحرم، ولهذا يجب ردّه إليه، 215/ أ لأن الشجر لا ينتقل من محل إلى محل، وليس كذلك الصيد، فإن الاعتبار فيه بنفسه، لأنه تارة يكون في الحل وتارة يكون في الحرم، فإذا فارق الحرم لم يثبت له حكمه، ولهذا لا يجب ردّ الصيد إلى الحرم، لأنه يقدر على الرجوع بنفسه إلى الحرم.
فرع آخر
لو قلع شجرة من الحرم وغرسها في موضع آخر من الحرم، فإن نبت في الموضع الذي حولها إليه، فلا شيء عليه، وإن لم ينبت فعليه الجزاء، ولأن عليه نقلها إلى موضعها لأن حرمة جميع الحرم واحدة.
فرع آخر
لو نبتت شجرة بعض أصلها في الحلّ. والثاني في الحرم فالحكم فيه كما لو كان كل أصلها في الحرم تغليبًا للتحريم.
فرع آخر
لو كان أصلها في الحرم وأغصانها في الحلّ فقطع غصنًا منها يلزم الجزاء اعتبارًا بأصلها، ولو كان على هذا الغصن صيدًا يعتبر مكان الصيد في وجوب الجزاء، فإن كان في الحرم يلزم الجزاء، وإن كان في الحل لا جزاء.
فرع آخر
في كيفية الجزاء، قال الشافعي في "الإملاء": القياس أن يلزم فيها القيمة، ولكنا تركناها لما روينا عن الصحابة، ففي الصغير شاة، وفي الكبير بقرة.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: في الكبير بقرة، وفي أصغر منها شاة، وفي أصغر منها قيمته.
وقال أبو حنيفة: لا يتعذر الجزاء فيها ويضمن بقيمتها.
فرع آخر
لو قطع غصنًا منها، قال الشافعي في موضع: فيه درهم وليس هذا بمذهبه، بل حكاه عن قوم ومذهبه فيه، أنه يلزمه ما نقص من قيمته أن لم يستخلف كما لو جرح صيدًا، وإن استحلف، فيه قولان:
أحدهما: لا شيء عليه، لأنه عاد إليه كالذي كان وقد قال الشافعي في "القديم": ويقطع السواك من فرعها، وأراد إذا كان مما يستخلف.
والثاني: يلزمه ضمانه، لأن الذي عاد غير الذي أتلفه 216/ أ.