أحدهما: أنه لما غلب في النكاح حكم الحظر على الإباحة في ولد الكافر، وان لم يغلب حكم الحظر إذا كان أحدهما مسلماً وجب حكم الذبيحة بمثابته.
والثاني: وهو ما علل به الشافعي أن الإسلام لا يشركه الشرك والشرك يشركه الشرك، وبيانه أن الإسلام والشرك لا يجتمعان، ويرتفع الشرك بقوة الإسلام، لقوله الله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإذَا هُوَ زَاهِقٌ} الأنبياء:18 ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "الإسلام يعلو، ولا يعلى عليه ".
وماذا كان أحد أبويه ملسماً، والآخر مشركاً، غلبه حكم الإسلام على حكم الشرك، ويجتمع الشرطان؛ لأنهما باطلان، فلم يرتفع حكم أحدهما بالآخر، وإذا لم يرتفع حكماً أحدهما وجب أن يغلب الحظر منهما.
مسألة:
قالُ الشّافِعيِ رحمهُ اللهُ تعالى:"ولا يُؤكِّلُ ما قِتلتُهُ الأحبولة كان فيها سِلاح أوْ لم يكِن لِأنّها ذكاة بِغيْر فعلًّ أحدٍ".
قال في الحاوي: اعلم أن الصيد الممتنع لتعذر القدرة عليه يتوصل إليه بأسباب تجعل حيلاً في القدرة عليه، وهو يتنوع بأنواع:
أحدها: الجوارح المرسلة عليه، وقد ذكرناها.
والثاني: السلاح الذي يرمى به، فإن قتل بثقله كالحجر والخشب، فهو وقيذ لا يؤكل، وان قطع بعده أو بعد تدمية، فهو مأكول، فأما المعراض. فهو آلة تجمع خشباً وحديداً، فإن أصاب بحده أكل، وان أصاب بعرضه فهو وقيذ.
والثالث: ما نصب له من الآلة التي تفارق آلته، فتضغطه، وتمسكه كالفخ والشرك والشبكة والأحبولة، فإذا وقع فيه وأدركت ذكاته حل، وان فاتت ذكاته ومات لم يؤكل سواء كان في آلة سلاح قطع بحد أو لم يكن فيها سلاح، فمات بضغطه.
وقال أبو حنيفة: إن كان فيها سلاح قطع بحده يحل استدلالاً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنهر الدم وفرى الاوداج، فكل".
ولأنه يمتنع عقره بحا، فحل أكله كالمرمي بحديدة.
ولأنه لما استوى السبب والمباشرة في وجوب الضمان وجب أن يستويا في إباحة الأكل.
ودليلنا: ما علل به الشافعي أنها ذكاة بغير فعل أحد.
وبيانه: أن الذكاة تكون بفعل فاعل مباشر، ولا تحل بغير فعل مباشر. وتحريره أنها