قال المزني: لو توضأ لصلاة الجنازة أو الناقلة جاز أداء الفريضة بها, وإن لم يعينها فكذلك التعيين في الطرف الثاني لا يلزم فاعتبر, ما يتوضأ عنه ما يتوضأ له. هكذا حكى أصحابنا بخراسان عن مالك. وقيل: مذهب اختيار الربيع والبويطي. وقال أصحابنا بالعراق: مذهب مالك وأحمد مثل ما ذكرنا عن ربيعة. وذكر بعض أصحابه أنه لو وافقنا عند النسيان وإنما الخلاف إذا ذكر الجنابة والحدث فنوى استباحة لأجل الحدث ففيه عن مالك روايتان, وقيل قول المزني في أثناء الكلام وإنما عليه أن يتطهر للحدث يحتمل أنه أراد أن التيمم يرفع الحدث وهذا يخالف قول الشافعي, وإن لم يكن هذا مراده لا يكون مخالفًا وقوله: إنما عليه أن يتطهر من الحدث أن أراد في الوضوء فهو مصيب في الجواب فخطئ في الاستدلال, وإن أراد في التيمم 135 أ/1 فهو مخطئ في الجواب والاستدلال؛ لأنه لا يجوز في التيمم أن ينوي رفع الحدث, وإن جاز ذلك في الوضوء.
مسألة: قال: "وإذا وجد الماء بعد التيمم اغتسل".
الفصل
وهذا كما قال: إذا تيمم ثم وجد الماء يلزمه استعماله, ويجوز له أن يصلي بذلك التيمم. وروى هذا عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه, واحتجوا بأنه وجد المبدل بعد الفراغ من البدل فلا يؤثر, كما لو وجد العتق بعد الصوم في الكفارة, وهذا غلط لقوله صلى الله عليه وسلم للجنب المتيمم"إذا وجدت الماء فأمسه جلدك" ولأن التيمم لا يراد لنفسه, بل يراد للصلاة, وهو بدل فإذا قدر على الأصل قبل الشروع في المقصود لزمه العود إلى الأصل, وبهذا فارق ما قاس عليه, ولو وجد الماء بعد الشروع في تكبيرة الافتتاح قبل فراغه منها بطل تيممه أيضًا, ويلزمه العود إلى الماء, ولو فرغ من الصلاة ثم وجد الماء لا يلومه إعادة الصلاة التي صلاها بالتيمم في الوقت, وفي غير الوقت. وقال طاووس وحده: يلزمه الإعادة. وروى عنه أنه قال: لا يعيب في الوقت, وهذا غلط لما روى أن رجلين كانا في سفر, فعندما الماء وتيممًا وصليًا, ثم وجدوا أحدهما الصلاة ولم يعد الآخر, ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرا له 153 ب/1 , فقال للذي لم يعد: "أصبت السنة أجزأتك صلاتك" وقال للذي أعاد لك أجران". وروى عن ابن عمر-رضي الله عنه- أنه تيمم
بالمربد وصلى العصر, ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة بعد ولم يعد الصلاة. ولأنه فرغ من المقصود بالبدل ثم وجد الأصل فلا إعادة. كالمرأة تفرغ من العدة بالشهور ثم ترك الأقراء, أو يقيس على ما بعد خروج الوقت. قال أصحابنا: ولا يستحب له الإعادة في هذه المسألة أيضًا,