كما لا يجب, ولو وجد الماء بعد الشروع في الصلاة قبل الخروج منها بنى على صلاته, ولا يلزمه الخروج, وبه قال مالك, وأحمد في رواية, وأبو ثور وداود, وقال أبو حنيفة والثوري, وهي رواية عن أحمد: تبطل صلاته, وهو اختيار المزني وابن سريج, إلا أن أبا حنيفة يقول: لو كان في صلاة الجنازة أو العيدين, أو كان سؤر الحمار لا تبطل صلاته, ولم يوافقه غيره من الأئمة في هذا. وقال الأوزاعي: يمضي في صلاته وتكون نافلة, ثم يتوضأ ويعيدها. واحتج المزني بما جملته يرجع إلى فعلين: أحدهما: أنه قاس وجود الماء للتيمم على الحدث.
والثاني: قاس على وجود الحيض في المعتدة بالشهور قبل تمام العدة بالشهور. وأشار في أثناء كلامه إلى القياس على ما لو وجد الماء قبل الشروع في الصلاة, 154 أ/1 وأشار في آخر كلامه إلى أن هذا المذهب تخريج مستقيم على قول الشافعي, ويساعده ابن سريج فخرج قولاً على مذهب الشافعي مثل أبي حنيفة, وأصل تخريجه أن الشافعي قال في المستحاضة ينقطع دمها في خلال صلاتها: أنها تخرج وتتطهر ولا تبنى فجعل المسألتين على قولين نقلاً وتخريجًا, والجواب أن يقول: أما الحدث فالفرق أنه ينقض الطهر بكل حال. وأما وجود الماء فليس هو تناقض لتطهر بكل حال, ألا ترى أنه يجد ماء مودعًا عنده ولم يؤذن له باستعماله ولا يبطل تيممه, ولذلك إذا احتاج العطش فكذلك هاهنا لا يبطل لئلا يبطل عليه ما مضى من الصلاة, فإنه يلزم مراعاة حرمة الصلاة, وبهذا فارق قبل الشروع في الصلاة.
وأما العدة قلنا: هناك لا نقول تبطل بل يحتسب بما مضى قرأ, ثم تؤمر بإتمام العدة, ولأن وزان العدة أن ترى الدم بعد الفراغ من الشهور قبل أن تنكح, ووزان العدة من مسألتنا أن لو زالت الماء قبل الشروع في الصلاة.
وأما مسألة المستحاضة فالفرق على الصحيح من المذهب أنها أحدثت أحداثًا, غير أنها مقدرة لاتصال دمها, فإذا انقطع الدم قدرت على إزالة حدثها فلا تجوز صلاتها, وهذا التيمم لم يحدث 154 ب/1 في صلاته حدثًا جديدًا, وليس فيه أكثر من أنه وجد الماء فيجعل كأنه لم يجد الماء لمانع الصلاة كما قلنا في سائر الموانع. فإذا تقرر هذا قال أصحابنا: الأفضل أن يخرج منها ويتوضأ للخروج من الخلاف. ولأن الشافعي نص على أنه إذا وجد الرقبة في الكفارة في أثناء الصوم والأفضل له أن يعتق فكذلك هاهنا الأفضل أن
يرجع إلى الأصل, ومن أصحابنا من قال: يلزمه المضي فيها ولا يجوز له قطعها أي يكره, وهذا اختيار القفال, وتعلق هذا القائل بما قال في "البويطي": إذا رأى الماء في صلاته فليمض على صلاته ولا إعادة عليه. وهذا لا يصح لأن الشافعي استحب لمن دخل في الصلاة منفردًا ثم رأى جماعة أن يخرج منها ويصلي مع الجماعة, استحب لمن دخل في الصلاة منفردًا ثم رأى جماعة أن يخرج منها ويصلى مع الجماعة, فالخروج هاهنا للطهارة أولى, وما قال في "البويطي": أراد يجوز ذلك, وقد نص في "الأم" فقال: كان له أن يتمها وليس عليه أن يقطع الصلاة فلم يوجب ذلك عليه.
وقال القاضي الحسين- رحمه الله:- لا يجوز له إبطال الصلاة وجهًا واحدًا, وهل