يستحب له أن يجعل صلاته فعلاً فيسلم عن ركعتين؟ وجهان:
أحدهما: أنه يستحب ذلك: كرجل افتتح الصلاة منفردًا ثم أدرك جماعة, فإنه يسلم عن ركعتين ويكون نفلاً.
والثاني: لا يستحب لأنها انعقدت 155 أ/1 فرضًا فلا يجوز له ترك صفة الفرضية, ويخالف هذا مسألة الجماعة؛ لأن هناك لو فرغ منفردًا ثم أدرك الجماعة يستحب له الإعادة ولو فرغ من الصلاة بالتيمم ثم وجد الماء لا يستحب له الإعادة.
فرع
إذا رأى الماء في المكتوبة ومضى في صلاته وسلم لا يجوز له أن يتنفل بذلك التيمم؛ لأن وجود الماء في الصلاة منع حكم التيمم فيما عدا الصلاة التي هو فيها, فإذا خرج منها لم يكن ليتممه حكم, فإن كان الماء باقيًا استعمله, وإن كان قد تلف إلى أن فرغ من الصلاة أعاد التيمم, ولا يجوز له افتتاح بعد رؤية الماء, هكذا ذكر جماعة أهل العلم من العراق, وهو اختيار القاضي الطبري. وفرع والدي الإمام على هذا, وقال: إذا أراد أن يسلم لا يسلم تسليمتين بل يقتصر على تسليمة واحدة؛ لأنه عاد إلى حكم الحدث بعد الخروج منها, ولو أحدث بعد التسليمة الأولى لا يأتي بالتسليمة الثانية, وليس على أصلنا مسألة يقتصر فيها على تسليمة واحدة غير هذه, ولو كان عليه سجود السهو فنسي لا يسجد, وإن كان الوقت قريبًا.
وهذا عندي حسن, ولكن يمكن أن يقال: وإن سلم تسليمة ثانية فلا يأس؛ لأنها من تتمة الصلاة, وإنما يخاطب بهذا في الافتتاح. والله أعلم. وقال القفال وجماعة 155 ب/1 إن علم بتلف الماء قبل فراغه من الصلاة فهو كما لم يجد أصلاً, فله أن يصلي النوافل, وإن لم يعلم بتبلغه حتى خرج من الصلاة, ثم علم فإنه لا يصلي بذلك التيمم صلاة النفل, كما لو تلف الماء بعد الفراغ من الصلاة. وهذا أقيس وأصح, وهذا لأن هذا الماء لم يلزمه
استعماله لهذه الصلاة, ولا قدر على استعماله لغيرها, فينبغي أن لا يبطل تيممه, ولهذا لو مر به ركب في الصلاة, ففرغ منها وقد ذهب الركب, فإنه يجوز له أن يصلي النافلة, وإن كان توجه الطلب يمنع ابتداء الصلاة بالتيمم, وإن منع القائل الأول منع بعيد والله علم.
فرع آخر
لو رأى الماء في صلاة النافلة, فإن كان نوى أن يصلي عددًا معلومًا كان له إتمامها, وإن كان أحرم مطلقًا. قال الشافعي في "الأم": كان عليه أن يصلي ركعتين ولا يزيد عليها لأن إحرامه المطلق يضمن ركعتين. قال أصحابنا: وعلى قوله القديم: فيمن نذر صلاة مطلقًا يكفيه ركعة لا يزيدها على ركعة.