كالعقيقة، ولأن من لم تجب عليه العقيقة لم تجب عليه الأضحية كالمسافر، ولأنها أضحية لا تجب على المسافر فلم تجب على الحاضر، كالواجد لأقل من نصاب، ولأن ما سقط وجوبه بفوات وقته مع إمكان القضاء سقط وجوبه في وقته مع إمكان الأداء كسائر السنن طرداً، وجميع الفروض عكساً، ولأن كل ذبيحة حل له الأكل منها لم يجب عليها ذبحها كالتطوع طرداً، ودم المناسك عكساً.
فأما الجواب عن الآية، فهو ما ذكرناه، من اختلاف التأويل فيها، ثم لا يمنع حملها على الاستحباب، لما ذكرنا.
وأما الجواب عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "على كل مسلم في كل عام أضحاة وعتيرة" فمن وجهين:
أحدهما: أن رواية أبو رملة عن محنف بن سليم، وهما مجهولان عند أصحاب الحديث.
والثاني: أن جمعه بين الأضحية والعتيرة دليل على اشتراكهما في الحكم. والعتيرة غير واجبة، فكذلك الأضحية.
وأما الجواب عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن لم يضح، فلا يشهد مصلانا" فمن وجهين:
أحدهما: أنه جمع في الترك بين الأضحية، والتأخر عن الصلاة والصلاة سنة، فكذلك الأضحية، ويكون معناه: أن من ترك ما أمرناه من الأضحية، فليترك ما أمرناه من الصلاة.
والثاني: أن هذا زجر يتوجه إلى الاستحباب دون الوجوب، كما قال: "من أكل من هذه البقلة شيئاً، فلا يقربن مصلانا".
فأما الواجبات، فالأمر بها، وإلزام فعلها، أبلغ في الوجوب من هذا الزجر.
وأما حديث أبي بردة فمحمول على أحد وجهين: إما على الإعادة استحباباً وإما على الوجوب، لأنها كانت نذراً.
وأما الجواب عن قياسهم على زكاة الفطر، فهو أن زكاة الفطر لما استوى فيها الحاضر والمسافر، ولزم قضاؤها مع الفوات، وخلف منها الأضحية، جاز أن تجب زكاة الفطر، ولم تجب الأضحية.
وأما الجواب عن قياسهم بأن ما وجب بالنذر كان له أصل في الشرع فهو أن له في الشرع أصل في دماء الحج، فلم يحتج أن يكون الأضحية له أصلاً.
وأما الجواب عن استدلالهم بوقتها، والامتناع من العيوب فيها، فهو أن هذين معتبران في حق المسافر، وإن لم تجب عليه، فكذلك اعتبارها في حق الحاضر لا يقتضي وجوبها عليه، والله أعلم.