والثاني: أن المراد به قبل وقت الصلاة الإمام كما قال: "من أدى ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقعد أدرك العصر".
يرد: من أدرك ركعة من وقت العصر وإنما جعلناه على أحد هذين الجوابين في حق أهل المصر كما عدلوا به عن ظاهر حق أهل القرى، وكذلك الجواب عن الحديث الآخر.
وأما الجواب عن قولهم إن اعتبارها بفعل الصلاة يقين وبزمانها اجتهاد فهو أن اعتبارها بزمان الصلاة أولى؛ لأنه يتماثل ولا يختلف وبفعل الصلاة يختلف. وأما الجواب عن قولهم: إنه متفق عليه، فهو أن دلائل الشرع هي المعتبرة دون المذاهب المتعدة؛ لحدوث المذاهب عن الأدلة فلم يجز أن يجعل المذاهب أدلة.
وأما الجواب عن صلاة الظهر في يوم الجمعة فهو أن فعلها معتبر بفوات الجمعة، ولذلك تعلق بفوات فعلها دون وقتها، وليس وقت الأضحية بمثابتها، وعلى أنهما يتساويان إذا لم يصل العيد، ولم يصل الجمعة جاز ذبح الأضحية وجازت صلاة الظهر، ولو تعلقا في وقتها بفعل الصلاة لم تجزئ إذا لم تقم الصلاة، والله أعلم.
مسألة:
قَالُ الشَّافِعِيِ:" وَالذَّكاةَ فِي الْحَلَقِ وَاللَّبَّةِ وَهِي مَا لَا حَيَاةَ بَعْدَه إذاً قَطْعَ وَكَمَالَهَا بأربع: الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ وَالْوَدَجَيْنِ وَأَقَلُّ مَا يُجَزِّئُ مِنْ الذَّكاَةِ أَنْ يُبَيِّنَ الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ وَإِنَّمَا أُرِيدُ بِفِرًى الأوداج لِأَنَّهَا لَا تُغْرِي إلّا بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءُ وَالْوَدَجَانِ عَرْقَانَ قَدْ يَنْسَلَّانِ مِنْ الإنسان وَالْبَهيمَةَ ثَمَّ يَحْيَا".
قال في الحاوي: أما الذكاة في اللغة فقد ذكرنا أن فيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها التطييب من قولهم: رائحة ذكية أي طيبة فمي بها ذبح الحيوان؛ لما فيه من تطييب أكله.
والثاني: أنها القطع فسمي بها ذبح الحيوان لقطعه.
والثالث: أنها القتل فسمي بها ذبح الحيوان لقتله، والذكاة حالتان: كمال، وإجزاء.
فأما حال الكمال فيكون بقطع أربعة: الحلقوم والمريء والودجين، فأما الحلقوم فهو مجرى النفس في مقدم الرقبة وأما المريء فهو مجرى الطعام والشراب يلي الحلقوم، وبهما توجد الحياة، وبفقدهما تفقد الحياة، وأما الودجان فهما عرقان في جنبي العنق من مقدمة، ولا تفوت الحياة بقواتهما.
قال الشافعي: لأنهما قد ينسلان من الإنان والبهيمة ثم يحييان، والودجان اسم