ذبائحهم؛ لأن الله تعالى قد أباح ذبائحهم مع إخباره بذلك، عنهم، وهو قول الأكثرين.
والوجه الثاني: لا تحل ذبائحهم؛ لأنه قول طائفة منهم خرجوا عن حكم التوحيد إلى الإشراك به فتوجهت الإباحة إلى من عداهم من الموحدين، وهو عندي أظهر.
فصل:
فأما ذبيحة النصارى باسم المسيح فضربان:
أحدهما: ما ذبحوه لله تعالى، ويذكروا عليه اسم المسيح، فأكله حلال، وإن كرهناه؛ لأنه مقصود به وجه الله تعالى، فكان ذكر المسيح فيه تبعاً.
والثاني: أن يذبحوه للمسيح فأكله حرام كذبائح الأوثان؛ لأنه معدول به عن وجه الله تعالى قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} إلى قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} المائدة:3.
وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه نهى عن ذبائح الجن" قال أبو عبيدة: هو أن يشري الرجل داراً أو يستخرج عنها فيذبح خوفاً أن فيها الجن، فهو على ما ذكرناه من الضربين إن فعل ذلك تقرباً إلى الله تعالى، ليستدفع به إصابة الجن حل أكلها، وإن ذبحها للجن لاستدفاعهم حرم أكلها.
مسألة:
قَالُ الشَّافِعِيِ:" وَأُحِبُّ أَنْ يَوْجُهَ الذَّبيحَةُ إِلَى الْقُبَلَةِ ".
قال في الحاوي: إنما كانت السنة أن توجه ذبيحته إلى القبلة في اللحم والضحايا لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "ضحوا وطيبوا بها أنفسكم، فإنه ليس من مسلم يستقبل بذبيحته إلى القبلة إلا كان دمها وفرثها، وصوفها حسنات محضورات في ميزانه يوم القيامة".
وروى جابر بن عبد الله قال: "ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أقرنين فلما وجههما قرأ: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} الأنعام: 79 الأيتين؛ ولأنه لا بد في ذابحها أن يتوجه بها إلى جهة فكانت جهة القبلة أفضل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خير المجالس ما استقبل به القبلة" ولأنها قربة فكانت القبلة أخص بها كالصلاة فإن قيل: فهو سفح دم، وإلقاء فرث، وهي أنخاس فيجب أن يكون تنزيه القبلة عنها أولى كالبروز للغائط والبول، قيل: ليس في كشف العورة للغائط والبول طاعة فكان صيانة القبلة عنه فأولى، وفي ذبح الضحايا طاعة