يكون الشيء الواحد في حالة واحدة موجباً لثبوت الملك وإزالته فلما أفاد الشراء ثبوت الملك امتنع أن يزول به الملك كما لو اشترى عبداً ينوي به العتق أو داراً ينوي بها الوقف صح الشراء ولم يصر العبد حراً ولا الدار وقفاً.
فأما الجواب عن شراء السلعة بنية التجارة فهو أن جريانها في حول الزكاة من أحكام الملك فجاز أن تقترن باستفادة الملك وخالف الأضحية المزيلة للملك.
فصل:
فأما إذا علق قبل الشراء وجوب الأضحية فعلى ضربين:
أحدهما: أن يجعلها بالشراء أضحية.
والثاني: أن يلتزم في الذمة أن يجعلها بعد الشراء أضحية.
فأما الضرب الأول: فصورته: أن يقول: إن اشتريت شاة فهي أضحية فإذا اشتراها لم تصر أضحية لأنه أوجبها قبل الملك.
وأما الضرب الثاني: فصورته: إن أطلق ولم يعين أن يقول: إن اشتريت شاءة فلله علي أن أجعلها أضحية فهذا نذر مضمون في الذمة من غير تعيين؛ فلزم وانعقد، فإذا اشترى شاة وجب عليه أن يجعلها أضحية ولا تصير بالشراء أضحية، لأن النذور تلزم في الذمة قبل الملك.
وإن عين فقال: إن اشتريت هذه الشاة فلله علي أن أجعلها أضحية ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يغلب حكم التعيين فلا يلزمه أن يجعلها أضحية؛ لأنه أوجبها قبل الملك.
والثاني: أن يغلب في حكم النذر فيلزمه أن يجعلها أضحية لتعليقه بالذمة.
فصل:
فإذا تقررت هذه الجملة وأراد أن يوجب الأضحية بعد ملكها بشراء فإن أوجبها بالقول فقال: هذه أضحية وجبت، وإن أوجبها بالنية فنوى أنها أضحية ففيه وجهان:
أحدهما: وهو مذهب الشافعي وقول جمهور أصحابه لا تصير بالنية أضحية حتى يقترن بها القول؛ لأنها إزالة ملك فأشبه العتق والوقف.
والثاني: وهو قول أبي العباس بن سريج أنها قد صارت بمجرد النية أضحية لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" مع قول الله تعالى: {لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ} الحج: 37 يعني إخلاص القلوب بالنيات فعلى قول أبي العباس بن سريج قد وجبت ويؤخذ بذبحها، وعلى الوجه الأول لم تجب وله بيعها، فإن تركها على نيته حتى ضحى بها فعمل تصير بالذبح بعد النية أضحية أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا تصير أضحية بالذبح مع تقدم النية.