والحال الخامسة: أن لا يمكن أن يشري بها حيواناً ولا سهماً منه، ويمكن أن يشتري بها لحماً أو يفرقها ورقاً، فيجب أن يشري بها لحماً ولا يفرقها ورقاً بخلاف الزائد على القيمة في أحد الوجوه؛ لأن اللحم هو مقصود الأضحية، وقد وجد في الزيادة مقصودها فجاز أن يفرق ورقاً، ولم يوجد في النقصان مقصودها فوجب أن يفرق لحماً، وبالله التوفيق.
مسألة:
قال الشافعي: "فان ولدت الأضحية ذبح معها ولدها".
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا أوجب أضحية حاملاً فولدت أو كانت حائلاً فحملت ثم ولدت كان ولدها تبعاً لها في الأضحية، وعليه أن يذبحهما معاً، لما روي عن علي عليه السلام أنه رأى رجلاً يسوق بدنة معها ولدها، فقال: لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها، فإذا كان يوم النحر فانحرها وولدها عن سبعة وليس يعرف له مخالف؛ ولأنها ولدته بعد خروجها عن ملكه فأشبه ولد المعتقة والمبيعة وخالف ولد المستأجرة والمرهونة، فإذا ذبحهما معا وتصدق من كل واحدة منهما وأكل جاز، وان تصدق من إحداهما دون الأخرى ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يجوز حتى يتصدق من كل واحدة منهما؛ لأنهما قد صارتا أضحيتين فلزمه أن يسلك بكل واحدة منهما مسلك الأضحية كالأضحيتين.
والثاني: أنه يجوز أن يتصدق من الأم دون الولد ومن الولد دون الأم لأن ولدها بعضها وإذا تصدق ببعض الأضحية أجزأه عن الباقي.
والثالث: أنه إن تصدق من الأم دون الولد أجزأه، وان تصدق من الولد دون الأم لم يجزه؛ لأن الولد فرع تابع والأم أصل متبوع.
مسألة:
قال الشافعي: "أولاً يشرب من لبنها إلا الفضل عن ولدها ولا ما ينهك لحمها ولو تصدق به كان أحب اليَّ".
قال في الحاوي: يجوز حلاب الأضحية وشرب لبنها وقال أبو حنيفة: لا يجوز حلابها وينضح الماء على ضرعها حتى يذهب لبنها كما لا يجوز جزاز صوفها، ودليلنا ما قدمناه عن علي عليه السلام، ولأن ترك لبنها مضرّ بها.
ولأنه يستخلف إن حلب فكان في تركه إضاعة له، فإن لم تكن ذات ولد حلب جميع لبنها من غير استقصاء مضر، فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "دعوا داعي اللبن" يعني إبقاء يسير يصير به داعية كثيراً، وان كانت ذات ولد وجب عليه أن يمكنه منها حتى