يرتوي من لبنها كما كان عليه تمكين الأم من علفها ثم لا يخلو حاله بعد تمكينه منه من ثلاثة أقوال:
أحدها: أن يكون بقدر ريه من غير فضل ولا نقصان فلا يجوز أن يحلب من لبنها شيئاً لاستحقاقه في ري الولد.
والحال الثانية: أن يكون أقل من رية فعليه بعد تمكينه من لبنها أن يسقيه بعد ريه من غيرها.
والحال الثالثة: أن يكون أكثر من رية فعليه أن يخلي بينه وبين ريه ثم يحتلب الفاضل عن ريه، فإذا احتلب اللبن فالأولى به والأفضل أن يتصدق بجميعه فإن لم يتصدق بجميعه فالأفضل بعده أن يسلك به مسلك اللحم فيشرب منه ويسقي غيره، فإن لم يفعل وشرب جميعه جاز وان كرهناه؛ لأن بقاء لحمها نسخ وتقام الانتفاع بها مكروه.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ولا يجزَّ صوفها".
قال في الحاوي: يمنع من جزاز صوفها إذا لم يكن تركه مضراً بها لأنه أحفظ لها وأكمل ولأنه يبعد استخلافه بخلاف اللبن وان كان جزازه أنفع بها فإن قرب زمان نحرها تركه عليها حتى ينحرها وان بعد زمان نحرها جزه عنها؛ لأنه أصلح لبدنها، فإن جزه، وهو مأمور بتركه فقد أساء ولم يضمن، وان تركه وهو مأمور بجزه كرهناه ولم يضمن، ولا يجوز له بيع الصوف بعد جزه؛ لأنه من جملة أضحيته لا يجوز له بيعها ويسلك به مسلك اللبن على ما قدمناه.
مسألة:
قال الشافعي: "وإن أوجبتها هدياً وهو تام، ثمَّ عرض له نقص وبلغ المنسك أجزأ إنما أنظر في هذا كله إلى يوم يوجبه ويخرج من ماله إلى ما جعله له".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا أوجب أضحية سليمة من العيوب فحدث بها قبل نحرها ما يمنع من ابتداء الأضحية بها من عور أو عرج ضحى بها وأجزأته.
وقال أبو حنيفة: إن كان موجبها ممن لا يلزمه الأضحية لسفر أو عدم أجزأه، وان كان ممن يلزمه الأضحية بالمقام واليسار لم يجزه، لأن النقص في الواجب مردود كالمعيب في الزكوات وفي المشهور تجزئ كالعيب في الصدقات.
ودليلنا ما رواه أبو سعيد الخدري، قال: قلت يا رسول الله إني أوجبت أضحية وقد أصابها عور فقال: "ضح بها" فلما أمره بذبحها ولم يأمره بالإعادة دلّ على إجزائها. ولأنه خرج من ملكه على صفة الإجزاء فلم يمنع حدوث نقصه من الإجزاء كالعتق في