أحدهما: يشتري به سهماً من أضحية ليجمع فيه بين إراقة الدم وتفرقة اللحم.
والوجه الثاني: يفرقه لحماً، لأنه أرفق، وعلى كلا الوجهين إن ذبح أو فرق بعد أيام النحر أجزأه لأن ذبح سهم في شاة لا يكون أضحية فلم يعتبر فيه زمان الأضاحي.
فصل:
وأما الضحايا والهدايا المنذورة ففي جواز أكله منها وجهان:
أحدهما: _ وهو قول أبي إسحاق المروزي لا يجوز أن يأكل منها، لأنها خرجت بالنذر عن حكم التطوع إلى الواجب، فلا يجوز أن يأكل من الدماء الواجبة.
والثاني: يجوز أن يأكل منها، لأنه تطوع بالنذر فصار كتطوعه بالفعل. والأصح عندي من إطلاق هذين الوجهين أن ينظر في النذر، فإن كان معيناً لم يضمن في الذمة كقوله: "لله عليّ أن أضحي بهذه البدنة" جاز أن يأكل منها وإن كان مضموناً في الذمة كقوله: "لله عليّ أن أضحي ببدنة" لم يجز أن يأكل منها، لأن ما وجب في الذمة كان مستحقاً لغيره وما لم يتعلق بالذمة جاز أن يكون فيه كغيره، والله أعلم بالصواب.
مسألة:
فال الشافعي: "وأكره بيع شيء منه والمبادلة به ومعقول ما أُخرج لله عز وجل أن لا يعود إلي مالكه إلا ما أذن الله عز وجل فيه ثم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقتصرنا على ما أذن الله فيه ثم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنعنا البيع على أصل النسك أنه لله ".
قال في الحاوي: أما بيع لحم الأضحية فلا يجوز في حق المضحي لقول الله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} الحج: 28 فنص على أكله وإطعامه، فدل على تحريم بيعه.
ولأن الأموال المستحقة في القرب لا يجوز للمتقرب بيعها الزكوات والكفارات وإنما خصت الضحايا بجواز الأكل، وليس في إباحة الأكل دليل على جواز البيع كطعام الولائم، وأكل الغانمين طعام أهل الحرب.
وأما الفقراء فعلى المضحي أن يدفع إليهم منها لحماً، ولا يدعوهم لأكله مطبوخاً لأن حقهم في تملكه دون أكله ليصنعوا به ما أحبوا، فإن دفعه إليهم مطبوخا لم يجز حتى يأخذوه نيئاً كما لا يجوز أن تدفع إليهم زكاة الفطر مخبوزا فإذا أخذه لحماً جاز لهم بيعه كما يجوز لهم بيعه ما أخذوه من الزكوات والكفارات وان لم يجز المزكي والمكفر بيعه.
وهكذا لا يجوز للمضحي أن يعطي الجازر أجرة جزارته من لحم الأضحية، لأنه يصير معاوضا به، ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى علياً عنه.