والثاني: يأكل طعام الغير؛ لأنه يستباح بالإباحة.
والثالث: أنه مخير في الأكل من أيهما شاء.
فصل:
ولو وجد المضطر ميتتين إحداهما من جنس ما يؤكل لحمه، كالشاة والبعير والأخرى من جنس ما لا يؤكل لحمه كالسبع والذئب، ففيه وجهان:
أحدهما: أنهما سواء، وله الخيار في الأكل من أيهما شاء؛ لأنهما قد استويا في النجاسة بالموت.
والثاني: أنه يأكل مما يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل؛ لأن للمأكول أصلاً في الإباحة فكان أولى مما لا أصل له في الإباحة.
ولو وجد المضطر ميتين إحداهما طاهرة في حياتها، والأخرى نجسة في حياتها، ففيه وجهان:
أحدهما: أنهما سواء، ويأكل من أيهما شاء: إلا أن يكون خنزيراً، لأنهما قد استويا في النجاسة بعد الموت.
والثاني: أنه يأكل من الطاهر دون النجس: لأن له في الطهارة أصلاً ليس للنجس ولو وجد المضطر ميتة ولحم ابن آدم أكل الميتة، وان كان خنزيراً دون لحم ابن آدم وجهاً واحداً، لأن تحريم الميتة من حق الأكل وتحريم ابن آدم في حقه وحق الأكل، فكان أغلظ، وكذلك لو وجد صيداً ولحماً ابن أدم وهو محرم أكل الصيد تعليلاً بما ذكرنا.
فصل:
وإذ قد مضى ما يحل ويحرم من الحيوان وجب أن نبين ما يحل ويحرم من النبات، والنبات على أربعة أقسام:
أحدها: ما كان غذاء كالحبوب والثمار والفواكه، والبقول، فأكلها مباح وبيعها جائز، وسواء أكلت قوتاً أو تفكهاً، فإن كانت مما زرعه الآدميون، فهي ملك لزراعها وان كانت مما أتيته الله تعالى في الموات، فهي ملك لآخذها.
والثاني: ما كان دواء، فأكله للتداوي مباح، وينظر في أكله لغير التداوي، فإن كان ضاراً منع من أكله، وان كان غير ضار أبيح أكله وبيعه في الحالين جميعاً جائز.
والثالث: ما كان مسكراً، وهو على ثلاثة أضرب:
أحدها: أن يكون فيه مع السكر شدة مطربة، فأكله حرام، وعلى آكله الحدّ، ولا يجوز أن يستعمل في دواء ولا غيره كالخمر، وبيعه حرام.
والثاني: أن يسكر، ولا تكون فيه شدة مطربة كالبنج، فأكله حرام، ولا حدّ على آكله، ويجوز أن يستعمل في الدواء عند الحاجة، وان أفضى إلى السكر إذا لم يوجد من إسكاره بد، وينظر في بيعه، فإن كان يستعمل في الأدوية غالباً جاز بيعه ولم يكره، وان