والشرط الثاني: أن يكون بين المتناضلين مقاربة في الرمي والإصابة يحتمل أن يكون ناضلاً ومنضولاً، ليعلم بالنضال أحذقهما، فإن تفاوت ما بينهما، فإن كان أحدهما أكثر سهامه صائبة، والآخر أكثر سهامه خاطئة، ففيه وجهان:
أحدهما: وهو مقتضى قول أبي إسحاق المروزي: لا يجوز، يكون العقد بينهما.
والثاني: يجوز ويكون العقد بينهما صحيحاً؛ لأن المال إذا استحق بعث على معاطاة الحذق.
والشرط الثالث: أن لا يتناضلا على جراح النفوس بالسهام والسلاح، وليكن قصدهما إصابة غير ذات الأرواح لتحريم عقرها، فإن شرط فيه جراحة النفوس بطل لحظره.
والشرط الرابع: أن يكون العوض معلوماً من أعيان موجودة، أو مال في الذمة موصوفاً.
والشرط الخامس: أن يحفظ من دخول الجهالة في النضال على ما سنذكره في موضعه.
مسألة:
قال الشافعي: والاستباق ثلاثه سبق يعطيه الوالي أو غير الوالي من ماله وذلك أن يسبق بين الخيل إلى غاية فيجعل للسابق شيئاً معلوماً وإن شاء جعل للمصلي والثالث والرابع فهذا حلال لمن جعل لأ ليست فيه علة.
قال في الحاوي: أما السبق، فيذكر تارة بتسكين الباء، وتارة بغتحها، وهو بتسكين الباء فعل سبق من المسابقة، وهو بفتح الباء العوض المخرج في المسابقة.
قال الشافعي: "والأسباق ثلاثة " يريد به العوض في الأسباق ثلاثة:
أحدها: أن يخرجه غير المتسابقين.
والثاني: أن يخرجه المتسابقان.
والثالث: أن يخرجه أحدهما.
فأما السبق الأول الذي يراه الشافعي؛ وهو الذي يخرجه غير المتسابقين، فيجوز سواء أخرجه الإمام من بيت المال وأخرجه غير الإمام من ماله.
وقال مالك: إن أخرجه الإمام جاز، وإن أخرجه غيره لم يجز؛ لأنه من أسباب الجهاد المختصة بالأئمة، وهذا فاسد من وجهين:
أحدهما: أن ما فيه معونة على الجهاد جاز أن يفعله غير الأئمة، كارتباط الخيل وإعداد السلاح.