جمهور أصحابه أن المحلل دخل ليحلل العقد ويحلل الأخذ، فيأخذ إن سبق ويؤخذ به إن سبق.
وقال أبو علي بن خيران من أصحابه: إن المحلل دخل لتحلل العقد ويأخذ ولا يؤخذ به وهذا خطأ، لأن التحريض المقصود باستفراه الخيل، ومعاطاة الفروسية غير موجود وإذا لم يؤخذ بالسبق شي، فيصير مانعاً من السبق وإذا أخذ به صار باعثاً عليه وهذا يتضح في التفريع الذي نذكره من بعد.
مسألة:
قال الشافعي: "ويخرج كل واحد منهما ما تراضيا عليه يتواضعانه على يدي رجل يثقان به أو يضمنانه".
قال في الحاوي: ولصحة العقد بينهما مع دخول المعلل أربعة شروط:
أحدها: أن يكون العوض، وهو السبق الذي بذلاه معلوماً إما معيناً أو موصوفاً فإن كان مجهولاً لم يصح، لأن الأعواض في العقود ولا تصح إلا معلومة.
والثاني: أن يتساويا في جنسه ونوعه وقدره، فإن اختلفا فيه أو تفاضلا لم يصح لأنهما لما تساويا في العقد وجب أن يتساويا في بذله.
والثالث: أن يكون فرس كل واحد منهما معيناً، فإن أنهم ولم يعين بطل.
والرابع: أن يكون مدى سبقهما معلوماً، والعلم له أن يكون من أحد وجهين إما بتعيين الابتداء والانتهاء، ومعلوماً بالتعين دون المسافة كالإجارة المعينة، وإما المسافة يتفقان عليها مذروعة بذراع مشهور كالإجارة المضمونة، فإن اتفقا على موضع من الأرض ذرعا تلك المسافة حتى يعرف ابتداؤها وانتهاؤها، فإن أغفلا ذكر الأرض، وان كانت التي عقدا فيها السبق يمكن إجراء الخيل فيها: فهي أخص المواضع بالسبق، وان لم يكن إجراء الخيل فيها لحزونتها وأحجارها فأقرب المواضع إليها من الأرض السهلة.
فصل:
فإذا صح العقد بينهما على شروطه المعتبرة فيها، وفي المحلل الداخل بينهما لم يخل حالهما في حال السبق من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يتفقا على تركه في أيديهما ويثق كل واحد منهما بصاحبه فيحملان على ذلك، ولا يلزم إخراج مال السبق من يد أحدهما إلا بعد أن يصير مسبوقاً، فيؤخذ منه باستحقاقه.
والحال الثانية: أن يتفقا على أمين قد تراضيا به، فيؤخذ مال السبق منهما ويوضع على يده، ويعزل مال كل واحد منهما على حدته، ولا يخلطه، فان سبق أحدهما سلم إليه