مسألة:
قال الشافعي: "والثاني يجمع وجهين وذلك مثل الرجلين يريدان أن يستبقا بفرسيهما ولا يريد كل واحد منهما أن يسبق صاحبه ويخرجان سبقين فلا يجوز إلا بالمحلل وهو أن يجعل بينهما فرساً ولا يجوز حتى يكون فرساً كفؤاً للفرسين لا يأمنان أن يسبقهما".
قال في الحاوي: وهذا هو السبق الثاني من الأسباق الثلاثة وهو: أن يستبق الرجلان، ويخرج كل واحد منهما سبقاً من ماله يأخذه السابق منهما، وهذا لا يصح حتى يوكلا بينهما محللاً، لا يخرج شيئاً، ويأخذ إن سبق ولا يعطى إن سبق لنص ومعنى.
أما النص، فما رواه سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أدخل فرساً بين فرسين وهو لا يؤمن أن يسبق فلا بأس به، ومن أدخل فرساً بين فرسين وهو يؤمن أن يسبق، فلا بأس به، ومن أدخل فرساً بين فرسين وهو يؤمن أن يسبق، فإن ذلك هو القمار".
وأما المعنى، فهو أن إباحة السبق معتبرة، بما خرج عن معنى القمار هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً أو غارماً إن أعطي، فإذا لم يدخل بينهما محلل كانت هذه حالها، فكان قماراً، وإذا دخل بينهما محلل غير مخرج يأخذان سبق ولا يعطى إن سبق خرج عن معنى القمار فعل.
وهذا الداخل يسمى محللاً لأن العقد صح به، فصار حلالاً ويسميه أهل السبق ميسراً، ويصح العقد به بأربعة شروط:
أحدها: أن يكون فرسه كفؤاً لفرسهما، أو أكفأ منهما، لا يأمنان أن يسبقهما فإن كان فرسه أدون من فرسيهما، وهما يأمنان أن يسبقهما لم يصح للنص، ولأن دخوله مع العلم بأنه لا يسبق غير مؤثر من أخذ السبق.
والثاني: أن يكون المحلل غير مخرج لشيء وان قل، فإن أخرج شيئاً خرج عن حكم المحلل، فصار في حكم المستبق.
والثالث: أن يأخذ إن سبق فإن شرط أن لا يأخذ لم يصح.
والرابع: أن يكون فرسه معيناً عند العقد، لدخوله فيه كما يلزم تعين فرس المستبقين، إن كان غير معين بطل.
فصل:
فإذا صح العقد بالمحلل على استكمال شروطه، فمذهب الشافعي، وما عليه