والثاني: أن مقصود الخسق من الثقب، والثبوت موجود فيه، والأول أصح، فإن جعل خاسقاً كان مصيبأ، وإن لم يجعل خاسقأ لم يكن مصيبأ في الاحتاب به مخطثأ وجهان على ما ذكرنا.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو كان الشن منصوباً فمرق منه كان عندي خاسقاً ومن الماة من لا يحسبه إذا لم يثبت فيه".
قال في الحاوي: أما السهم المارق، فهو أن ينفذ في الشن، وهو منصوب فوق الهدف ويخرج منه، فيقع وراء الهدف، فيحتسب له في الرقاع.
فأما في الخاسق ففي الاحتساب به قولان:
أحدهما: وهو منصوص الشافعي أنه لا يحتسب به خاسقاً اعتباراً بالمعنى، وأنه زائد على الخسق، فيؤخذ فيه معنى الخسق.
والثاني: حكاه الشافعي عن بعض الرماة أنه لا يحتسب به خاسقاً، اعتباراً بالاسم، لأنه يسمى مارقاً ولا يسمى خاسقاً، فمن أصحابنا من أثبت هذا القول للشافعي، ومنهم من نفاه عنه: لأنه أضافه إلى غيره، ولا يكون مخطئاً وإن لم يحتسب خاسقاً لا يختلف فيه أصحابنا وأما السهم المزدلف: فهو أن يقع على الأرض ثم يزدلف منها بحموته وحدّته، فيصير في الهدف ففي الاحتساب به مصيباً قولان:
أحدهما: يحتسب به مصيباً؛ لأنه بحدة الرمي أصاب.
والثاني: ليس بمصيب، لخروجه من الرامي إلى غير الهدف، وانما أعادته الأرض حين ازدلف عنها في الهدف.
وقال أبو إسحاق المروزي: ومن أصحابنا من لم يخرج المزدلف على قولين، وحمله على اختلاف حالين باعتبار حاله عنا ملاقاة الأرض، فإن ضعفت حموته بعد ازدلافه، ولانت كان محسوبأ في الإصابة، وإن قويت، وصار بعد ازدلافه أحد لم يحتسب به مصيباً، ويجوز أن يتناضلا على مروق السهم، ولا يجوز أن يتناضلا على ازدلافه: لأن مروق السهم من فعل الرامي، وازدلافه من تأثير الأرض، فعلى هذا في الاحتساب به مخطئاً إذا لم يحتسب به مصيباً وجهان:
أحدهما: يكون مخطئاً لأنه من سوء الرمي.
والثاني: لا يكون مخطئاً ما أصاب، ويسقط الاعتداد به مصيباً ومخطئاً، والله أعلم.