مسألة:
قال الشافعي: "فإن أصاب بالقدح لم يحسب إلا ما أصاب بالنصل".
قال في الحاوي: أما قدح السهم فهو خشبته المريشة، واختلف فيما يسمى به منها فقال بعضهم: هو اسم لجميع الخشبة.
وقال آخرون: هو اسم يختص بموضع الوتر منه، فيسمى فوق السهم، وهو الجزء الذي يدخل فيه الوتر.
وأما النصل فهو الطرف الأخر من السهم، واختلف فيما يسمى منه نصلاً، فقال بعضهم: هو اسم للحديد المسمى زجاً، ومنهم من قال: هو اسم لطرف الخشبة التي يوضع فيها الزج من الحديا، والإصابة إنما تكون بالنصل لا بالقدح.
فإذا أصاب بغير النصل لم يحتسب به مصيباً، ونظر فيما أصاب به من السهم، فإن أصاب بعرض السهم، احتسب به مخطئاً لأنه منسوب إلى سوء رميه، وان أصاب بقدح سهمه، ففي الاحتساب به مخطئاً وجهان تعليلاً بما قدمناه.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو أرسله مفارقاً للشن فهبت ريح فصرفته أو مقصرا فأسرعت به فأصاب حسب مصيباً ولا حكم للريح".
قال في الحاوي: اعلم أن للريح تأثيراً من تغيير السهم عن جهته، وحذاق الرماة يعرفون مخرج السهم عن القوس هل هو مصيب أو مخطى،، فإذا خرج السهم، فغيرته الريح، فهو على ضربين:
أحدهما: أن يخرج مفارقاً للشن، فتعدل به الريح إلى الشن فيصيب أو يكون مقصراً عن الهدف، فتعينه الريح حق ينبعث، فيصيب، فتعتبر حال الريح، فإن كانت ضعيفة كان محسوباً في الإصابة؛ لأننا على يقين من تأثير الرمي، وفي شك من تأثير الريح، وإن كانت الريح قوية نظر، فإن كانت موجودة عند إرسال السهم كان محسوباً في الإصابة، لأنه قد اجتهد في التحرز من تأثير الريح بتحريف سهمه، فأصاب باجتهاده ورميه، وان حدثت الريح بعد إرسال السهم، ففي الاحتساب به وجهان تخريجاً من اختلاف قوليه في الاحتساب بإصابة المزدلف:
أحدهما: يحتسب به مصيباً إذا احتسب إصابة المزدلف.
والثاني: لا يحتسب مصيباً، ولا مخطئاً إذا لم يحتسب بإصابة المزدلف.
والثالث: أن يخرج السهم موافقاً للهدف، فتعدل به الريح حتى يخرج عن الهدف فيعتبر حال الريح، فإن كانت طارئة بعد خروج السهم عن القوس ألغي السهم، ولم