يحتسب به في الخطأ، لأن التحرز من حدوث الريح غير ممكن، فلم ينسب إلى سوء الرمي، وإن كانت الريح موجودة عند خروج السهم نظر فيها، فإن كانت قوية لم يحتسب به في الخطأ؛ لأنه أخطأ في اجتهاده الذي يتحرز به من الريح، ولم يخطئ من سوء الرمي، وإن كانت الريح ضعيفة، ففي الاحتساب به من الخطأ وجهان:
أحدهما: يكون خطأ؛ لأننا على يقين من تأثير الرمي، وفي شك من تأثير الريح.
والثاني: لا يكون محسوباً في الخطأ؛ لأن الريح تفسد صنيع المحسن، وإن قلت كما تفسده إذا كثرت.
فصل:
ولو هبت الريح فأزالت الشن عن موضعه إلى غيره لم يخل حال السهم بعد زوال الشن عن موضعه من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يقع في غير الشن وفي غير موضعه الذي كان فيه، فيحتسب به مخطئاً؛ لأنه وقع في غير محل الإصابة قبل الريح وبعدها.
والحال الثانية: أن يقع في الموضع الذي كان فيه الشن في الهدف، فيحتسب مصيباً لوقوعه في محل الإصابة.
والحال الثالثة: أن يقع في الشن بعد زواله عن موضعه، فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يزول الشن عن موضعه بعد خروج السهم، فيحتسب به في الخطأ لوقوعه في غير محل الإصابة عند خروج السهم.
والثاني: أن يخرج السهم بعد زوال الشن عن موضعه، وعلم الرامي بزواله، فينظر في الموضع الذي صار فيه، فإن كان خارجاً من الهدف لم يحتسب به مصيباً ولا مخطئاً لخروجه عن محل الصواب والخطأ، وإن كان مماثلاً لموضعه من الهدف احتسب به مصيباً لأنه قدر صار محلاً للإصابة.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو كان دون الشن شيء فهتكه السهم ثم مر بحموته حتى يصيب كان مصيباً ولو أصاب الشن ثم سقط بعد ثبوته حسب وهذا كنزع إنسان إياه".
قال في الحاوي: قد ذكرنا أنه إذا اعترض بين السهم والهدف حائل من بهيمة أو إنسان، فإن امتنع به السهم من الوصول إلى الهدف لم يحتسب في صواب ولا خطأ، وإن نفذ في الحائل حتى مرق منه، وأصاب الهدف كان مصيباً، ولو نقض الحائل السهم حتى عدل بالنقض إلى الهدف لم يحتسب به مصيباً ولا مخطئاً؛ لأنه بالنقض أصاب لا بالرمي كمن رمى الجمرة بحصاة فوقعت على إنسان، فنقضها حتى وقعت في الجمرة لم يحتسب