" (توضؤوا) واشربوا فإنه لا ينجس الماء شيء". وقال خبر القلتين ضعيف لأنه رواه محمد بن جعفر.
وقال يحي بن معين: كان محمد هذا مغفلًا، ولو صح فقد ورد مورد التقريب لا التحديد، بدليل ما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا زاد الماء عن قلتين أو ثلاثة فإنه لا ينجس" ويقيسون على الكثير. واحتج الشافعي عليهم بالخبر وهو قوله "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجسًا وروى "خبثاً" فدل على أن ما دون القلتين ينجس.
وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا فإنه لا يدري أين باتت يده" فأمر بغسل اليدين قبل إدخالهما الإناء خوفًا من النجاسة على يده. فدل على أنه لو تيقن النجاسة يفسد الماء به.
وأما خبرهم الذي ورد في بئر بضاعة وماؤها وكانت قلالًا كثيرة. وقد روى أبو سعيد الخدري أنه قيل (212 ب/ 1): يا رسول الله إنك تتوضأ من بئر يطرح فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن. فقال: "الماء طهور لا ينجسه شيء ". وري أنه قيل: يا رسول الله: إنك تتوضأ من بئر بضاعة وهي تطرح فيها المحايض، ولحوم الكلاب، وما ننجي الناس الغائط. وقال أبو داود: قدرت بئر بضاعة برداي- أي مددته عليها- ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع وسألت من أدخلني إليها هل غير بناؤها عما كانت عليها؟ فقال: لا،
وسألت قمها عن عمقها، فقال: تكون عند الكثرة إلى الغاية، وإذا نقص تكون دون العورة، أو نحمله على الكثير بدليل ما ذكرناه، ولا يصح القياس على الكثير، لأنه قوي بكثرته، فقدر على دع النجاسة عن نفسه، وقد يكون الكثير قوة ليست للقليل كالشاهدين لا يثبت بأحدهما ما يثبت بهما. وقال أكثر العلماء: يفضل بين الماء القليل والكثير في هذا الحكم، إلا أنهم اختلفوا في التفصيل. فقال ابن عمر، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبو عبيد.
وروى بعض أصحابنا هذا عن ابن عباس، وأبي هريرة، وأحمد، وإسحاق. وفيه نظر. قال عبد الله بن عمرو بن العاص: يحد بأربعين قلة، والقلة منها كالجرة (213 أ/ 1). وقال محمد بن سيرين، ومورق بن الأجدع، ووكيع بن الجراح يحد بكر، والكر عندهم: هو أربعون قفيز اثنان وثلاثون رطلًا.